Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya

Butrus Bustani d. 1300 AH
171

Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya

أدباء العرب في الأعصر العباسية

Genres

وطلبه لهذه الملذات على فقره وحرمانه جعله يحسد كل ذي نعمة، فيتمناها لنفسه، ويستكثرها في صاحبها، وجعله يلحف في السؤال، ويعاتب ويتذلل حتى يتبغض.

وكان على حبه للتكسب يجبن عن إدراك رزقه، فقد يدعوه بعض الأمراء فما يجرؤ أن يصير إليه؛ لأنه يخشى الأسفار ويخيفه البر والبحر والصيف والشتاء، فهو موسوس ضعيف العقل، متشائم، متطير.

وزاده طيرة ما ناله من الأرزاء والمحن، فأصبح يتوهم النحس توهما، ويتمثله في تصحيف الأسماء وقلبها وتحليلها، وفي صور الأشخاص، وأشكال الأشياء، حتى بات الناس يضحكون منه، ويعابثونه، فيهجوهم، ويثخن في أعراضهم ويسخر منهم، وهم يمعنون في نكايته ولا يبالون. ذكر صاحب معاهد التنصيص: «أن أصحابه كانوا يرسلون إليه من يتطير من اسمه فلا يخرج من بيته أصلا، ويمتنع من التصرف سائر يومه. وأرسل إليه بعض أصحابه غلاما حسن الصورة اسمه حسن، فطرق الباب عليه، فقال: «من؟» قال: «حسن.» فتفاءل به وخرج، وإذا على باب داره حانوت خياط قد صلب عليها درفتين كهيئة اللام ألف. ورأى تحتها نوى تمر فتطير وقال: «هذا يشير بأن لا تمر.» ورجع ولم يذهب معه. وكان الأخفش الأصغر علي بن سليمان يقرع عليه الباب إذا أصبح، فإذا قال: «من القارع؟» قال: «مرة بن حنظلة» ونحو ذلك من الأسماء التي يتطير بذكرها، فيحبس نفسه في بيته، ولا يخرج يومه أجمع.» ا.ه. وأخبار ابن الرومي في الطيرة كثيرة نكتفي بما ذكرنا منها للدلالة على وسوسته وجبنه واختلاط عقله.

ومن صفاته الحسنة أنه كان صادق المودة لأصحابه، محبا لأولاده وأهله، عطوفا على الفقراء والمساكين.

آثاره

لابن الرومي شعر كثير رواه عنه المسيبي.

45

ولم يكن مرتبا فعمله الصولي على الحروف، وجمعه أبو الطيب وراق بن عبدوس من جميع النسخ، وزاد على كل نسخة مما هو على الحروف وغيرها نحو ألف بيت. وذكر المستشرق كليمان هيوار أن أبا عثمان سعيدا الخالدي من العلماء المتصلين بسيف الدولة كتب ترجمته مفصلة، ولكن لم تصل إلينا.

وبقي شعره متفرقا في كتب الأدب حتى قام بعض الأدباء في مصر، فعنوا بطبعه ونشره. وعني بدراسته جماعة، منهم عباس محمود العقاد فإنه وضع كتابا خاصا به، فهذا الشاعر الذي أهمله عصره، وتنكر له أبناء زمانه، عرف قدره بعد موته فدونت أشعاره، وجمعت أخباره. ونبشت آثاره فإذا هي عنوان العبقرية والنبوغ.

ولابن الرومي بقايا في النثر منها رسائل صغيرة إلى الوزير القاسم وإلى بعض أصدقائه، ومنها نبذة في تفضيل النرجس. ونثره حسن الأسلوب يجري به مع بلغاء الكتاب. وكان يفتخر بنثره كما يفتخر بشعره مشبها نفسه بالأخطل والجاحظ:

Unknown page