أما في جنوب القيروان، فقد هاجمت قوات فرنسية كبيرة الأراضي الخاصة بقبائل جلاص، وأنزلوا أقصى ضرباتهم على قبيلة الذويبات، فنشروا الدمار والخراب، وأتلفوا جميع الممتلكات، وفتشوا جميع المنازل تفتيش إبادة وتدمير. وفي بيت خليفة بن أحمد أطلقوا النار على ابنته خيرة فأصابوها في فخذها الأيسر، وأطالوا التفتيش والحصار في بيت عبد النبي بن الحاج ضوء وأخيه علي المكي مدة 24 ساعة كاملة، وقتلوا الكلاب وحطموا الأدوات المنزلية والآلات الزراعية، وكان ضرب من الجنون الإجرامي قد استولى على الجنود في آخر الأمر، فأخذوا يحرقون البيوت بجميع ما فيها من أثاث ومؤن في موقع جهينة حيث يسكن قسم من الذويبات، ولم ينج السكان من النار إلا بمعجزات، فمن بين البيوت التي أصبحت رمادا: (1) بيت الأرملة ربح بنت بوقطف. (2) بيت حسين بن محمد بن عباس، ولما خرج منه صاحبه فرارا بنفسه من النار اصطاده الجند صيدا ورموه بالرصاص فأبقوه جثة هامدة. (3) بيت علي بن بوقطف. (4) بيت عمر بن بوقطف. (5) بيت محمد الهادي بوقطف. (6) بيت يوسف بن قريدة. (7) بيت محمد بن يوسف بن قريدة.
ودخل الجيش الفرنسي إلى بلدة جبنيانة دخول الفاتحين المنتصرين يوم 21 فبراير، وزرع الرعب والخوف، فطوق البلدة، وفتش بيوتها ودكاكينها، وألقى القبض على رئيس الشعبة محمد عاشور الزناتي. (8) الجم
حاضرت القوات الفرنسية بلدة الجم، ثم احتلوها، وروعوا السكان، وأعلنوا حالة الطوارئ، ثم قبل أن يغادروها فرضوا عليها ضريبة حربية بدعوى حراسة أعمدة التليفون. (9) الصخيرة
انتشر الجنود في جهة الصخيرة، ونشروا بها الذعر بدعوى التفتيش عن السلاح، وحطموا حتى خيام الرعاة، وأجهضت سيدات، وجرح عدد وافر من الرجال. (10) قابس
جاء دورها يوم 14 فبراير، فاحتلها العساكر، وقاموا بحملة إرهابية واسعة النطاق، وطوقوا بيت الحاج عبد الله بن رحومة عضو مجلس البلدية بقابس، وأتلفوا ما فيه، ثم فتشوا بيت ابنه فلم يجدوا شيئا، فألقوا القبض على أبنائه الثلاثة ومن بينهم السيد النجار قائد إقليم قابس للكشافة، ونقلوهم إلى الثكنة العسكرية. ثم أعلنت حالة منع التجول. فأضربت المدينة احتجاجا على هذه الإجراءات، وخاصة لأن منع التجول يحرم الأهالي من أداء صلاة العشاء وصلاة الفجر في المساجد ويمنعهم من إقامة الأذان.
ورجع الجنود في 21 و22 فبراير، وحاصروا المدينة من جديد، وأعادوا فيها عملية «التطهير»، وفتشوا عدة منازل منها بيت صالح ضوء أحد القادة الكشفيين، والطاهر واجد أمين مال الشعبة الدستورية، واعتقلوا عددا وافرا من الوطنيين، وبالليل كان الجنود يقومون بترويع الناس، فيتسلقون السطوح ويسعون في تكسير أبواب المنازل للنهب وانتهاك الأعراض. (11) الرديف
عادت قوة من اللفيف الأجنبي وجنود المظلات إلى بلدة الرديف يوم 18 فبراير بعد أن قاموا بعمليات «التطهير» فيها مرارا من قبل، وحاصروها وقاموا بأعمالهم المعتادة من تنكيل وترويع وضرب ولكم وإهانات وتفتيش الرجال وحتى النساء في البيوت، ونهبوا وبددوا وحطموا، واعتقلوا أعضاء الشعبة الدستورية وسكرتير نقابة التجار واعتدوا عليه بالضرب. (12) جهة الجنوب
اصطبغت حملة الإرهاب العسكري في الجنوب بالقسوة والشدة، فأعلنت حالة الطوارئ بمدنين ابتداء من 17 فبراير، ومنع التجول من السادسة والنصف مساء إلى السابعة صباحا، وذلك إثر الهجوم الذي وقع على الثكنة العسكرية في الأسبوع السابق لذلك، وأطلق عليها الرصاص للمرة الثانية فقتل ثلاثة جنود، كما وقع إطلاق النار في يوم 20 يناير على لوري محمل بالجنود، فانقلب ومات 11 جنديا.
وبدأ القمع يوم 14 فبراير، فتألف ركب من عامل الجهة (المدير) والقائد العسكري الفرنسي وأعوان الجندرمة وعدد كبير من الجند، وقامت القوات «بتطهير» أعبنتن، واعتقلوا رئيس شعبة أولاد عبد الله ورئيس شعبة أولاد محمد وكامل الهيئة الدستورية ومحمد بن فرج والهادي الصانعي الذي اعتقلوا معه ابنا له لم يتجاوز الخامسة، ثم انتقلت القوات إلى «أم التمر» حيث اعتقلت عددا من الوطنيين.
وجاء دور «وادي اللبة» ففتشوا منطقته ثلاث مرات في يوم واحد، وخاصة منزل السيد ضوء الهتشير وألقوا عليه القبض؛ لأنهم وجدوا عنده بندقية غير صالحة للاستعمال، وبقيت عائلته لا تعلم شيئا عن مصيره. وقد عذب المساجين ونكل بهم تنكيلا فظيعا إلى أن فقد بعضهم رشده.
Unknown page