129

Tuhfat Muhtaj

تحفة المحتاج في شرح المنهاج

Publisher

المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد

Edition Number

بدون طبعة

Genres

كَأَكْلِ لَحْمِ جَزُورٍ عَلَى مَا قَالُوهُ وَتَوَزَّعُوا بِأَنَّ فِيهِ حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَيْسَ عَنْهُمَا جَوَابٌ شَافٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِنَقْضِهِ يَخُصُّهُ بِغَيْرِ شَحْمِهِ وَسَنَامِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ لَحْمًا كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فَأُخِذَ بِظَاهِرِ النَّصِّ، وَخُرُوجِ نَحْوِ قَيْءٍ وَدَمٍ وَمَسِّ أَمْرَدَ حَسَنٍ أَوْ فَرْجِ بَهِيمَةٍ وَقَهْقَهَةِ مُصَلٍّ وَانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ وَإِيجَابُهُ لِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى حَدَثًا وَالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَالرِّدَّةِ، وَإِنَّمَا أَبْطَلْت التَّيَمُّمَ لِضَعْفِهِ وَنَحْوُ شِفَاءِ السَّلَسِ لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ (أَحَدُهَا خُرُوجُ شَيْءٍ) وَلَوْ عُودًا أَوْ رَأْسَ دُودَةٍ، وَإِنْ عَادَتْ وَلَا يَضُرُّ إدْخَالُهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ لِحَمْلِهِ مُتَّصِلًا بِنَجِسٍ إذْ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الظَّاهِرِ (مِنْ قُبُلِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ الْحَيِّ الْوَاضِحِ وَلَوْ رِيحًا مِنْ ذَكَرِهِ أَوْ قُبُلِهَا ــ [حاشية الشرواني] أَرْبَعَةٌ فَقَطْ ثَابِتَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْآتِيَةِ وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا اهـ. (قَوْلُهُ لَحْمِ جَزُورٍ) أَيْ بَعِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالُوهُ) أَيْ الْأَصْحَابُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ بِأَكْلِ لَحْمِ جَزُورٍ وَ(قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْضِ بِلَحْمِ جَزُورٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَنْهُمَا جَوَابٌ شَافٍ) أَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ عَنْهُمَا الْجَوَابُ الشَّافِي، وَهُوَ جَوَابُ الْأَصْحَابِ بِنَسْخِهِمَا بِحَدِيثِ جَابِرٍ «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» سم. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ) أَيْ مِنْ جَانِبِ الْأَصْحَابِ وَ(قَوْلُهُ بِأَنَّا أَجْمَعْنَا) يَعْنِي الْقَائِلِينَ بِالنَّقْضِ وَالْقَائِلِينَ بِعَدَمِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ لَحْمًا) أَقُولُ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّهُمَا يُسَمَّيَانِهِ فَالتَّخْصِيصُ لَيْسَ تَرْكًا لِلْعَمَلِ بِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيمَانِ إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَمَّمَ عَدَمَ النَّقْضِ بِالشَّحْمِ مَعَ شُمُولِهِ لِشَحْمِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ الَّذِي حَكَمَ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِيمَانِ بِشُمُولِ اللَّحْمِ لَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَأَخَذَ إلَخْ) أَيْ الْقَائِلُ بِالنَّقْضِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجِ إلَخْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ كَأَكْلِ إلَخْ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَطْفٌ عَلَى أَكْلِ لَحْمٍ إلَخْ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنْ مَسٍّ وَقَهْقَهَةٍ وَانْقِضَاءٍ وَالْبُلُوغِ وَالرِّدَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَدَمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْفَرْجِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى حَدَثًا) هَذَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُوجِبِ الْوُضُوءِ التَّامِّ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ شِفَاءٍ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ لَا يَرِدُ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَدَثَهُ إلَخْ) أَيْ فَكَيْفَ يَصِحُّ عَدَمُ الشِّفَاءِ سَبَبًا لِلْحَدَثِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْتَفِعْ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنَّظَرِ لِتَجْوِيزِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْحَدَثِ الْوَاقِعِ فِي التَّرْجَمَةِ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِطُهْرِهِ، وَيَعُودُ بِشِفَائِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَسْبَابِ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ رَفْعًا عَامًّا قَوْلُ الْمَتْنِ (خُرُوجُ شَيْءٍ) أَيْ عَيْنًا أَوْ رِيحًا طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا جَافًّا أَوْ رَطْبًا مُعْتَادًا كَبَوْلٍ أَوْ نَادِرًا كَدَمٍ انْفَصَلَ أَوْ لَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا نِهَايَةُ زَادِ الْمُغْنِي طَوْعًا أَوْ كَرْهًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُودًا) حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ فِي ذَكَرِهِ مِيلًا أَيْ مِرْوَدًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ انْتَقَضَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إدْخَالُهُ) أَيْ إدْخَالُ شَيْءٍ فِي قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَوَضِّئِ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَوَضِّئِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ نَاقِضًا بِالْفِعْلِ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الشَّأْنُ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمُحْدِثِ يُقَالُ لَهُ حَدَثٌ أَيْضًا وَ(قَوْلُهُ: الْحَيِّ) خَرَجَ بِهِ الْمَيِّتُ فَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ فَقَطْ وَ(قَوْلُهُ: الْوَاضِحِ) أَخَذَ الشَّارِحُ ــ [حاشية ابن قاسم العبادي] تَنَافٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى إنْ وُجِدَ بِتَمَامِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ نَوْعٌ آخَرُ أَوْ لَأَوْجَبَ تَعْدِيَةَ الْحُكْمِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى عِلَّةَ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ لَا؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى الَّذِي يُذْكَرُ إمَّا أَنَّهُ مُنَاسَبَةٌ وَحِكْمَةٌ لَا عِلَّةٌ وَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَدَّى لِنَوْعٍ آخَرَ مَثَلًا كَلَمْسِ الْمَرْأَةِ مَظِنَّةَ الِالْتِذَاذِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ فَخَرَجَ لَمْسُ الْأَمْرَدِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَيْسَ عَنْهُمَا جَوَابٌ شَافٍ) أَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ عَنْهُمَا الْجَوَابُ الشَّافِي، وَهُوَ جَوَابُ الْأَصْحَابِ بِنَسْخِهِمَا بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَكَانَ «آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» وَأَمَّا اعْتِرَاضُ النَّوَوِيِّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ عَامٌّ وَحَدِيثَ الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ اهـ. فَهُوَ اعْتِرَاضٌ بَاطِلٌ فَإِنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَا مِنْ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ اللَّذَيْنِ يُقَدَّمُ مِنْهُمَا الْخَاصُّ مُطْلَقًا إذْ عِبَارَةُ جَابِرٍ لَمْ يَحْكِهَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى يَكُونَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَيَّنَ بِهَا مَا عَرَفَهُ مِنْ حَالِ النَّبِيِّ ﷺ وَمَا اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى تَرْكِهِ ﵊ الْوُضُوءَ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ مُطْلَقًا وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ لِلْمُتَأَمِّلِ فَجَوَابُ الْأَصْحَابِ فِي غَايَةِ الِاسْتِقَامَةِ وَالظُّهُورِ لَكِنْ قَدْ يَرِدُ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ نَحْوَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ لَا يَعُمُّ وِفَاقًا لِلْأَكْثَرَيْنِ وَقِيلَ يَعُمُّ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ عَدْلٌ عَارِفٌ بِاللُّغَةِ وَالْمَعْنَى فَلَوْلَا ظُهُورُ عُمُومِ الْحُكْمِ مِمَّا صَدَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ لَمْ يَأْتِ هُوَ فِي الْحِكَايَةِ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَالْجَارِّ قُلْت ظُهُورُ عُمُومِ الْحُكْمِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ وَلَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَجْرِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَقَدْ يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِحَسَبِ فَهْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ عِبَارَةَ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ظَاهِرَةٌ ظُهُورًا تَامًّا فِي تَرْكِ النَّبِيِّ ﷺ الْوُضُوءَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي نَقْلِ رُجُوعِ النَّبِيِّ ﷺ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ وَمِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ جَزْمُهُ بِنَقْلِ التَّرْكِ عَلَى مُجَرَّدِ فَهْمِهِ وَظَنِّهِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ كَأَكْلِ

1 / 129