161

Tuhfat Asmac

تحفة الأسماع والأبصار

Genres

ثم خرج سره في مكة، وبلغ الشريف زيد بن محسن ، وكان في الحج القاضي العلامة الحبر صفي الدين وشيخ المسلمين أحمد بن سعد الدين -أيده الله- فأخذته عليه الشفقة وعلى المسلمين، وأن يحدث عليهم بسببه مشقة، فأرسل إلى الشريف في أمره فقبض عليه حتى قضى الناس مناسكهم، وقد شاع خبره في مكة، وحضرت أول جمعة بعد أيام التشريق، فاجتمع الأمراء وكل منهم ومن أعوانهم يتوقعون الحادث العظيم، وقدموا الخطيب المعتاد وأقاموا حوله بالسيوف مسلولة، ولما فرغ الخطيب قام للطواف واستلام الركن، فقام من رعاع الناس من يسلم عليه لاعتقادهم أنه المهدي، ثم آخر، ثم قام الأمراء وأصحابهم بالسيوف على أولئك، فحصل في المسجد فزع كبير، وانجزل أهل اليمن إلى جانب من مكة وغيرهم إلى الجانب الآخر، وذهب في ذلك الوقت أمتعة كثيرة، وما كاد يسكن ما وقع من الرهج ، فلولا ما تفضل الله من القبض على ذلك الشريف لهلك وهلك معه عالم والحمد لله رب العالمين.

ولما وصل مولانا أحمد -أطال الله بقاه- صعدة المحروسة بالله[50/ب] وقد اجتمع له عسكره وخزائنه، ووصل أهل الشام من بلاد صعدة وشرقا وغربا وكان قد غلفتها الفتن كما سيجيء قريبا إن شاء الله تعالى، فأحسن إلى عموم أهل تلك الجهات وكثر عطاؤه لهم وإحسانه إليهم مع لين جانب، وكانوا يعرفون من صحة الأمر والعزيمة والهيبة التي تمنعهم من الطمع والفساد، ثم خرج منهم من خرج إلى الإمام -عليه السلام- فأعطاهم أيضا فوق ما يحتسبون كما ذلك دأبه المعهود، وسبيله ومنهله المورود، فهانت عندهم الدولة الإمامية، وأخذوا في بعض ما أعطوه من الطاعة الشرعية.

Page 268