272

Tuhfat Acyan

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

Genres

فإن قلتم إن ذلك من خدمكم وأصحابكم , فلو علموا منكم الكراهية لم يتجروا على ما تكرهونه إلا ما شاء الله؛ فأما إذا كانوا ليتقربون بذلك إليكم فإن عاره وإثمه راجعان عليكم؛ ولا تحرموا الفقراء والمساكين هذا المال , فإن لهم فيه سهما , ولا تقفوا في شيء يلزمكم , وتزيلوا عن أنفسكم اسم العذر في التخلف في العهد والوعد والتهمة بذلك , وأن تؤمنوا من خوفتم من المسلمين وتردوهم إلى منازلهم , فإن قلتم إنكم قد بذلتم لهم الأمان فلم يثقوا بأمانكم , فلا أرى هذا يسقط به حجة عنكم ولا يوجب عند المسلمين عذركم إذا كان قد عرفوا منكم الرجوع في وعدكم والتخويف بعد بذل الإمام خطه لهم بالأمان وخافوه أن يفعلوا منهم من بعد كما فعلتم من قبل؛ وأن تبذلوا الأنصاف لأهل السر في تلك الأحداث الشاهرة وتفعلوا كما يوجد عن محمد بن محبوب رحمه الله أنه كتب به إلى بعض الأئمة , وعليك إظهار الإنكار في ذلك والطلب لمن فعله حتى يعلم الناس , ومن فعل ذلك أن الحق معروف وأنك مؤثره على ما سواه , وتظهر الدعاء إلى الإنصاف حتى تبسط لطالب الحق بلسانه , وأنا أشير عليكم بذلك في الأحداث التي جرت في السر وغيرها من النواحي والبلدان , وجميع الأحداث التي تجري من عساكركم وأصحابكم ورعيتكم حتى يظهر عند الناس أنكم أنكرتم الباطل ولم ترضوا به ولم تواطئوا عليه ولم تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتزيلوا عن أنفسكم الأوهام الفاسدة.

فإما إذا كنتم تنادون بتخويفهم وتظهرون الغضب على من تتهمون أنه أراد أن يكتب إلى الإمام ويعلمه بما جرى من الأحداث؛ وكيف يتجاسر الضعيف والمظلوم أن يرفعوا إليكم ويشكوا وينتصفوا ممن ظلمهم , وإياكم والتقحم على الأمور بغير حجة ولا برهان , وإياكم وسوء التأويل , فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: زلة العلماء وميل الحكماء وسوء التأويل ).

Page 284