Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Genres
( ونحو هذا ) ما يحكى عن أبي الحواري أنه كان فقيرا يأكل ثمر الأثب زهدا وتعففا، والأثب شجر ينبت على الأودية وعلى جوانب الجبال، وهو غير مملوك وربما قبل صدقة بعض إخوانه فيبيعها ويشتري بها حلا للسراج؛ ونحوه ما يوجد في بعض آثار المسلمين إنه وبخط يحيى بن أبي زكريا. قال أخبرني أبو عبدالله بن محمد بن عمر بن أبي الأشعب أنه كان بقرية منح رجل عفيف له نخلة واحدة وكان يغدو إلى خارج البلد يصلي ما شاء الله، فإذا أراد أن يعود حمل قفير سماد فجعله تحتها؛ فإذا حملت فأدركت عد ثمرتها وقسمها على السنة، وجعل لكل يوم شيئا معلوما يأكله بلا إذام ولا خبز؛ وكان ذلك دأبه ولا يأكل غيرها، وكان أبدا صائما حتى مات.
قال وبلغني أن النخلة بقيت إلى أيام الخليل بن شاذان؛ وأن مركز أمتها بلغت الجزرة الأولى اثني عشر جذعا , وقيل إن بعضهم كان يأكل ورق الأشجار زهدا وتعففا؛ ويوجد إن الإمام سعيد رضي الله عنه كان في بعض أسفاره فأخر الظهر إلى العصر , ونسي أن يجدد النية في تأخيرها لقصد الجمع؛ وأنه كفر عن ذلك التأخير , ومن المعلوم أن الناسي معذور , فالتكفير منه رضي الله عنه زهد وورع وهو نظير ما يحكى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أخر المغرب يوما إلى أن ظهرت ثلاثة نجوم , فأعتق ثلاثة أعبد؛ ما أشبه الآخر بالأول وما أشبه الليلة بالبارحة.
ورأى رضي الله قوما كان قد عاقبهم في شيء , فرآهم في الشمس , وكان قد غفلهم أمين السجن فغضب وقال: في الشمس أمانتي؟ أو نحو هذا من كلامه. واستشهد رضي الله عنه في وقعة بمناقي في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة , ولم أجد ذكر هذه الوقعة في شيء من الكتب , وما ذكره في كشف الغمة وغيره في سببها فتلك قضية أخرى وقعة بالغشب من الرستاق في إمامة راشد بن الوليد , قتل فيها عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر , وسنذكرها في محلها إن شاء الله تعالى.
Page 239