220

Tuhfat Acyan

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

Genres

والقرامطة قوم من الشيعة نسبوا إلى حماد قرمط ويقال لهم الباطنية لأنهم زعموا أن للقرآن ظاهرا وباطنا , وإن من وصل إلى معرفة باطن القرآن انحطت عنه التكاليف كلها , وزعموا أنه لا فرق بين هذا الواصل وبين من كان في الجنة , فأبطلوا شرائع الإسلام , وكان ذلك أعظم مطلبهم لأنهم كانوا من المجوس , وذكروا ما كان لهم من دولة وعزة وأنها ذهبت بدولة الإسلام؛ فحسدوا المسلمين وعملوا لهم المكائد وأضلوا ضعفائهم؛ وظهرت لهم دولة وصولة وقوتهم بالبحرين في قرية يقال لها جنابة وغزوا العراق وعمان والحجاز واقتلعوا الحجر الأسود؛ يريدون أن يجعلوه في بيت لهم بنوه في البحرين زعموا أنهم يصرفون العرب إلى حجة كما صنع ذلك الحبشي صاحب الفيل باليمن إذ بني كنيسة ليصرف الناس إلى حجها دون الكعبة؛ فجاء رجل من كنانة فتغوط بها فغضب الحبشي واجمع على هدم الكعبة؛ فرد الله كيده في نحره وكان مسيره وبالا عليه والله أعلم.

ثم إن قائمة من أهل الأحساء من أهل بيت ابن مقرب قاموا على القرامطة وحاربوهم سبع سنين حتى انتزعوا الدولة منهم؛ وفي ذلك يقول ابن مقرب من قصيدة له طويلة:

سل القرامط من شظى جماجمهم ... = ... فلقا وعادرهم بعد العلى خدما

من بعد أن جل بالبحرين شأنهم ... = ... وأرجعوا الشام بالغارات والحرما

ولم تزل خيلهم تغشي سنابكها ... = ... أرض العراق وتغشي تارة أدما

وحرقوا عبد قيس في منازلها ... = ... وصيروا العز من ساداتها حمما

وأبطلوا الصلوات الخمس وانتهكوا ... = ... شهر الصيام ونصبوا منهم صنما

وما بنوا مسجدا لله نعرفه ... = ... بل لكما أدربوه قائما هدما

حتى حمينا على الإسلام وانتدبت ... = ... منا فواص تجلو الكرب والظلما

وطالبتنا بنو الأعمام عادتنا ... = ... فلم تجد بكما فينا ولا صمما

وقلدوا الأمر منا ماجدا نجدا ... = ... يشفي ويكفي إذ ما حادث دهما

ماضي العزيمة عز غطارفة ... = ... لو زاحمت سد ذي القرنين لا نهدما

Page 229