Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Genres
ثم إن الأهيف بن حمحام كاتب مشايخ عمان وقبائلهم من كل مكان يدعوهم إلى محاربة محمد بن بور وإخراجه من عمان , ويحثهم على ذلك؛ فأجابوه واقبلوا إليه فسار بعسكر ضخم وخميس جرار يريد محمد بن بور , فخرج فيهم منير بن النير بمن تبعه من أهل جعلان , وكان يومئذ ابن مائة وعشر سنين , فبلع ذلك محمد بن بور فدخل الرعب في قلبه فخرج هاربا فأتبعه الأهيف بعساكره وكان الرأي أن لا يلحقوه بل يسيروا خلفه رويدا رويدا حتى يخرج من عمان فيرجعوا عنه لكن لله إرادة ليقضي أمرا كان مفعولا , فساروا مسرعين حتى لحقوه بدما فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر القتل والجراح في الفريقين , وقد كانت تكون الهزيمة على محمد بن بور وقد ألجأوه على سيف البحر , فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من أهل قدمه وغيرهم من المضربة على كل جمل رجلان من قبل أبي عبيدة بن محمد السامي مددا لمحمد بن بور , فلما كانوا قريبا من العسكرين نزلوا عن رواحلهم وأخذوا أسلحتهم وحملوا مع محمد بن بور على الأهيف وأصحابه عند أعياء الناس بعد ما كادت تكون الهزيمة على محمد بن بور , فوقعت الهزيمة على أهل عمان , وقتل الأهيف بن حمحام وخلق كثير من عشيرته وغيرهم ولم يسلم من أهل عمان إلا من تأخر أجله.
وقتل منير بن النير وهو أحد حملة العلم وهو من بني ريام رضي الله عنه وكانت هذه الوقعة بقرب مسجد الجامع من دما من الباطنة , وذلك يوم الأربعاء لست عشرين خلت من ربيع الآخر سنة ثمانين ومائتين , وقال في ذلك محمد بن دريد:
لا يفوت الموت منحدرا ... =أبقاه الغاب والغيل
مقرع الأكناف ذو لبد ... = ... مبرص الأوصال مجدول
إن دهرا فل حدهم ... = ... حده لا بد مفلول
ما بكاهم إن هم قتلوا ... = ... صبرهم للقتال تفضيل
إنما أخبر الحرب بأن ... = ... قد نالهم قوم أراذيل
نالهم من لا يحصله ... = ... في كرام القوم تحصيل
أعبد قن تصادرهم ... = ... قوم أسود تبابيل
فروا للهرب طرده ... = ... داما فيه تمهيل
Page 224