ودخلت منة تسع وثمانين وستمائة:
فيها عزم السلطان على غرو عكا لما بلغه عن أهلها من أذية تجار المسلمين ومضرة الواردين منهم والصادرين. ومن ذلك أن تجارا وافوا مماليك للسلطان، لما صاروا عندهم احتاطوا عليهم وقتلوهم وأخنوا ما كان معهم فاتصل ا ذلك بالسلطان ، فحرك منه سا كنا وأثار أمرا كان فى نفسه منهم كامنا، فأمر العساكر المنصورة بالخروج وخيم بمسجد التينوأقام فى الدهليز بقدر ما يتكمل التجهيز ويستم العسكر التبريز، واستخلف بالقلعة الملك الأشرف ولده، وذلك فى العشر الأخير من شوال، فأحس بالتوعك فى جسده، فأقام بالمنزلة المذكورة واشتديه المرض وعجز عن الحركة واستحكم الداء فلم يفد الهواء وأدركه المحتوم، فقضى نحبه الاولقى ربه . وكان انتقاله فى السادس من ذى القعدة بالخيام، ولبى داعى الحمام، ولم تقده كتائبه وجنوده ولا أغنت عدده وعديده، بل تحرقت عليه القلوب أسفا ، وتقطعت الأكباد لهفا، وعمت رزيته البلاد والعباد والحواضر ال والبواد لأنه كان حليما رؤوفا عفيفا عطوفا ومضى حميدا ومات على نية الغزاة شهيدا . قال الله عز وجل فى كتابه العزيز :
(ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت، فقد وقع أجره على الله، وكان الله غفورا رحيما) .
Page 122