186

فلما نحض زبدة الآراء وأحكم سيب الاستقراء، عزم على تحصيله ما دام مهل المرام واقتناصه قبل أن يحلق فى جو الشام . وكان الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى متوجها كما ذكرنا إلى دمشق وهو إذ ذاك على غزة بالقرب من الشربعة من معه من العساكر الشامية الذين توجهوا فى صحبته، فأو عز إليه 110/ باعتر اضه عند دنوه وآن حول بينه وبين مرجوه. فبادر (بالامتثال، وتأهب له فى الحال . وسار بيبر س المذكور على الحسنة ومضى من البرية. فلما قارب غزة وجد الأرصاد مستعلة لرصده، والأعين ذاكية لقصده، فأمسك هو ال و من بق من صبيانه وحمل فى التوكل مفردا من أعوانه . فلما وصل صحبته الأمير شمس الدين قراسنقر إلى منزلة الحطارة ، أرسل الأمير سيف الدين اسندمر الكرجى من الباب العزيز لإحضاره، فتسلمه من الأمراء الذيين احضروه وحمله إلى القلعة المحروسة يوم الخميس الرابع عشر من ذى القعدة:

فأدير السعد والإقبال عنه وقد

ولى بذل وخذلان على الدير

فياء بالويل والذل العظيم وما

رأى له فى بلاد الله من وزر

ضاقت عما رحبت أرض عليه فقل

في هارب فى الفلا بالخوف متحصر

فأحضر بين يدى مولانا السلطان ليقبل الأرض، فأمر به للسجن، فكان آخر العهد بالجاشنكير، وتولاه من ليلته منكر ونكير، واستراح السلطان من تقسم الأفكار واشتغال الأسرار وأعانته على قصده الأقدار، فنال ما يعجز الملوك عن مناله وتم له ما لم يتم لأحد من أمثاله وتمكن من عداه وهو اال وادع واستيقظت له عين السعادة وعين الخطب هاجع، وباد من عانده وزاحمه وزال من تاو آه وراغمه، وصفت له آيامه ومواسمه ووطثت آضداده مناسمه: شعر

من زاحم الليث يوما فى عرينته

أرداه مفترسا بالناب والظفر

لناصر الملك العالى الركاب فى ال

منصور خير ملوك الترك والخزد

مؤيد القول والأفعال حكمه

رب الورى فى الورى تحكم مقتدر

فتال ما لم يتله قبله ملك

بأول السعد فى أيامه الأخر

Page 212