107

كمر من تحتها ملاحفا ولمن يحاولها مزاحفا. فسرنا إليها ونزلنا عليها قوما على قوم من شدة الزحام وضنك المقام وتراكم الخيام وشرعنا الحصار وإطلاق الحجار وجعلنا الوكدفى النقوب لأنها أبلغ فى التمكن من المطلوب ولم يبق حجار إلا حضر اليها ولا نقاب إلا وهو يعمل عليها وتوب العساكر تتناوب فى النضمال ورمى التبال وإظهار الاجتهاد وابتدار الجهاد ومداومة الاستعداه ، والعزائم مجردة الصوارم (والاهمام مستبر الدوام، وأهلها يكابدون العنا، ويقضون ساعاتهم بالمنى . وكان النزول عليها فى أوائل شهر جمادى الآخرة، فاستظهر الجيش استظهارا طاب به العيش. ولما كان العاشر من شهر رجب الفرد حصل القصد، وطلعت عليه السناجق المنصورة وأصحت فوق أبراجها منشورة ، ولم تحتم ربض ولا باشورة، وارتقتها العساكر المنصورة، وقتلوا من كان مها من المقاتلين، وسبوا الحريم والبنات والبنين. وأمر السلطان أن بمحى عندها سمة الرومية وتسمى قلعة المسلمين الأشرفية، ورتب علم الدين سنجر الشجاعى لعمارتها واتقان موجيات حصانتها وصيانتها، ورحل عنها عائدا. ومما اتفق ونحن نازلون فى اشتداد الأمر واعتداد الحصر، أن أشرفت من البر الشرقى طائفة من الثتار، فأمر السلطان بتجريد من يكشف الخبر، فجرد الأمير بدر الدين أمير سلاح ال وجماعته من الأمراء ، وأنا فيهم ، فسرنا جرائد مجدين يومأوليلة، فلم ندرك لهم أثرا ولا عرفتا عنهم خبرا. فعدنا إلى مواقفنا وأقمنا للحصار فى مواضعنا، ثما دارت الأيام ومرت الأعوام وورد إلى الديار المصرية فى الدولة الناصرية بدر الدين جنكلى ابن البابا ، فحدثى أنه كان ذلك اليوم فى أولئك القوم وكانت علتهم زهاء عشرة آلاف فارس، صحبة مقدم يسمى بيتمش، بلغهم اجماع العسكر مناك، فحضروا يطلبون فرصة ويلتمسون غفلة، فلما شارفوا الجيوش الإسلامية مجتمعة على تلك الحال، وقد ملأت السهول والجبال ، بادروا الفرار وولوا الأدبار . ولمسا وصل السلطان دمشق أقام بها شهر الصيام وعيد عيد الفطر وفى ليلة العيد، عاود لاجين عائد من

Page 131