مرض فنيانوس ووصفات العجايز
أخيرا من كتر ما كنت كرع عرق بركت بالفرشة، لا بأيدي ولا باجري، ومين بعد بيقدر يتحمل دوايات عمتي؟ ساعة تجيب لي حشيشة القزاز عن حيطان الكنيسة وتغليها، وساعة تركد حافية عالكنيسة وتلوت لي قطنة من زيت القنديل، وساعة تجيب لي طوق قزحيا وتلبسني ياه برقبتي متل ولاد الصغار، وساعة تبخرني بالشعنينة، وساعة تجيب لي محدلة مار نهرا تمحدلني فيها، وياريت المسألة وقفت عند هالحد! بل بيجوا لك هالعجايز قال تا يشقوا علي، ويبلشوا بالوصفات كأنهم مجمع حكما: واحدة بتوصف لزق بزر كتان عالمعدة، والتانية بتشور برغيف سخن، واللي موتتني أكتر من الكل: أم زخيا، قال: معدتي نازلة! وحطت هالكلمة بدينة عمتي وأكدت لها إن ما لها إلا دوا الشيل، وعمتي (اسم الله عليها)، ناطرة كلمة، وما عادت فكت بدها تشيل لي معدتي، قامت جابت هوني واحدة قال إنها شاطرة بشيل المعدة، وجابوا قدرة صغيرة وحطوا فيها ورق، وعطوها النار وحطوها عامعدتي، ريته ما حدا يدوق! حسيت روحي طلعت وصرت أصرخ الصوت بالصوت، والمقصوفة العمر شيالة المعدة تقول لها لعمتي: «شدي عابطنه تا أقول لك، بدي طلعها إيد بايد.» لمن شدوا على بطني تنتينن سوا، قلت: «طلعت روحي إيد بيد.» وغم عاقلبي، لمن شافوني على هالحالة شالوا القدرة وافتكروا إنهم قضوا غرض وشالوا المعدة وصحيت.
مضت الأيام والليالي وخيك فنيانوس على حاله، لا بل زاد الألم في معدته على جهة اليمين، صرت قول: «يا ناس، يا هو، اندهوا لنا حكيم، اندهوا لنا طبيب نشوف شو الحكاية! حاجة بقى تعملوا لي وصفات وضربات سخنة، موتوني!» قامت واحدة من المحروسين العجايز قالت: شو! كأن الحكما بيعرفوا أكتر من غيرهم؟ مسألتك عين، ما بيلزمها لا حكمة ولا شي، بدها نتفة رقوة تانعرف مين اللي صابك بالعين. حالا يا أفندم قاموا جابوا شقفة رصاص ودوبوها وصبوها بصحن، وصاروا يلتوا ويعجنوا، أخيرا تم قرار المجلس إن اللي صابتني بالعين مرة عورا. مين عورا؟ ما مين عورا؟ صاروا يتحزروا، أخيرا قالوا: هي سارة أم لبه! شو بدنا نعمل هلق؟ ما شو بدنا نعمل؟ أخيرا تم الرأي على إنه يجيبوا شي من أترها تا أتبخر فيه. حالا أسرع من لمح البصر ركدت عمتي (اللي الله سبحانه وتعالى يجبرني فيها) وبيدها مقص من اللي بيقصوا فيهم الحمير، وبوجها لعند أم لبة، ولقطتها وقصت شقفة من فسطانها ورجعت ركد كأنها جايبة راس كليب، وقامت لك الصرخة خلف عمتي وإجوا العالم: شو في؟ شو في؟ قلنا لهم: ما في شي! المسألة شقفة فسطان، ما بدها كل هالضجة. الخلاصة قاموا حطوا شوية جمر بالصحن، وحطوا شقفة الفسطان، وقربوا صوبي تا يبخروني، يا لطيف يا ستار! وهفت الريحة والعياذ بالله! سديت مناخيري وصرخت: عيفوني يا عالم من هالريحة! دخل الله ودخلكن راح يغب عا قلبي. قول، شالوا البخور وانتهت المسألة على سلامة. - منيح اللي ما صار لك شي، هذا قطوع وفاتك. - بخمن لك هذا القطوع اللي قال لي عنه بو مرعي. - من كل بد شو! مخمن المسألة هينة؟ الله بيعرف من أيا وقت ما تغسل فسطانها.
الفصل الثالث عشر
توجه فنيانوس للصحة، طلب العروس
ثانية
- قول يا أفندم، بقيت على حالي والوجع زاد، وما عدت قدرت قوم من الفرشة، أخيرا قلت: يا صبي ما بقى بدها. حالا بعت ورا حكيم، لمن إجا وسألني شو المسألة حكيت له ياها من أولتها، وقلت اله عن علاج البخور اللي تعالجت فيه. قال: منيح اللي ما مت. الخلاصة فحصني فحص مدقق، وقال إن كبدي منتفخ شوية، وسببه شرب العرق، ولكن المسألة بتزول، ووصف لي أدوية ومنعني عن كل شي إلا الحليب، ووصاني أن لا دوق العرق بزماني. وما مضى علي كم يوم إلا وحسيت براحة كلية، ومن وقتها ما خليت عجوز تدخل البيت، بس يطل مخ شي واحدة منهم بقول لها: عندك يا منعولة، اوعي تقربي! الله لا يرحم بي اللي علمكن الطب. ومن بعده صرت أتقدم يوم عن يوم، إلى أن صحيت منيح وحمدت الله.
ثم رجعت الأفكار تأخذني وتجيبني بخصوص القرقورة اللي ما كانت تروح من فكري لا ليل ولا نهار، أخيره وجدت إنه صار من اللازم أبعت حدا يحكي رسمي بالعروس؛ لأن ما عاد لي صبر ولا طولة روح، حالا قمت حكيت مع خورينا واتنين تلاتة من قرايبنا منشان تا يروحوا يحكوا، وما مضت السيرة يومين إلا وحملوا حالهم وتمشوا، شوي وبسلامتهم راجعين: خير إنشالله! شو صار؟ شو جرى؟ قالوا: جرى كل خير، وقالوا إن فنيانوس ما عندنا حدا بمعزته، وقالوا ياريت يحصلوا على هالشرف، وإذا ما كان عندنا منفتش له، ولكن تحججوا بالبيت قال إنه عتيق وصغير وما بيوافق للسكن، فإذا عمر فنيانوس البيت وفرشه نحن كلنا تحت أمره. فهذا اللي جرى، والخاطر خاطرك على كل حال، فاللي بتلاقيه موافق عمله، وما لحقوا وخلصوا الحديث إلا والمحروسة عمتي (ريتها تقبرني إنشالله) قرطت لك ظلغوطة سمعتها كل الضيعة، حالا حطيت إيدي عا تمها قلت الها: يخرب بيتك فضحتينا! الجماعة بعد ما عطيونا قول شافي، وأنا بعد ما حكيت مع البنت رسمي، بركي ما بتاخدني! يفضح ديبك، جرصتينا! - ضني يا فنيانوس، ما حكيت مع البنت أبدا؟ - كيف لا، مرة نقفتها بالملبس من بعيد من غير ما خليتها تشوفني. وخطرة كمان: كنت واقف على سطح بيتنا وكانت هي مارقة، صرت أتنحنح ولبط برجلي حتى تطلع صوبي، ما كانت حضرتها تلتفت، أخيرا لمن شفتها هيك قمت وقعت المحدلة عن السطح، ساعتها التفتت وخمنت حدا وقع، حالا محسوبك ضرب لها سلام. وخطرة كمان: كانت جاية من العين هي وتلات أربع بنات من رفقاتها بالليل، قمت مسيتها على بغتة، قبطت ووقعت الجرة. - هدا كل حكيك معها؟ - آه، شو بدك أكتر من هيك؟ - عافاك يا شاطر! هيك يكون الغرام والمغازلة ولا بلاش! والله مجنون ليلى ما سبقك. - الله يخليك يا ابو الاجران، حاجة تقعد تتهكم علي، أنا يا عمي قلبي ضعيف بها المسائل، والله بهجم على طابور عسكر لو لزم الأمر، ولكن بها المسائل عدمان العافية، كلمة واحدة ما بقدر بحكيها، بتلاقيني صرت أرجف متل الورقة، وقلبي صار يدق وبطاتي صاروا يلقوا. - فإذا على هالحال موش رح تتزوج. لازم تقوي قلبك يفضح حريشك! شوف المعزة ليلة عيد مار سركيس كيف بيقيموا الأفراح والليالي الملاح، تشبه على الأقل فيهن. - كتر خيرك يا عمي يا ابو الاجران. شو بدي قول لك؟ ما اسمك إلا متل خيي الكبير، ما بيسايل عا سلامتك. - منيح! يا تقبرني، لا تاخذ عا خاطرك، أنا بدي منشانك. وأخيرا شو عملت؟
الفصل الرابع عشر
فنيانوس وعمته أم سكحا
Unknown page