93

تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة

تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة لأبي نعيم الأصبهاني

Investigator

الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي دكتوراه في العقيدة بمرتبة الشرف الأولى

Publisher

مكتبة العلوم والحكم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م

Publisher Location

المدينة المنورة

Genres

١٥٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: قَامَ النبي ﷺ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٣] وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التَّقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٥] فَعَفَى الله عَنْهُمُ اسْتِزْلَالَ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُمْ، عَظِيمَ مَا كَسَبُوا مِنْ قوله ثم عَنِ الرَّسُولِ ﷺ بِحَضْرَةَ الْعَدُد، وَكَذَلِكَ عَفَى عَنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ كَتَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِشَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى عَوْرَة الْمُؤْمِنِينَ فَشَهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١] . وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ بِالْعَفْوِ عَنْ مِسْطَحٍ وَحَسَّانَ، فَقَالَ: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ الْآيَةَ، فَأَثْبَتَ هِجْرَتَهُمْ وَأَثْنَى ⦗٣٤١⦘ عَلَيْهِمْ بِهَا بَعْدَ مَا كَانُوا اقْتَرَفُوا الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ حَبِيبَةِ حَبِيبِ اللَّهِ. ثُمَّ مَا أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْحُدُودِ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ قَطْعِ السَّارِقِ، وَرَجْمِ الْمُعْتَرِفِ بِالزِّنَا مَاعِزًا، وَأُتِيَ بِالنُّعَيْمَانِ سَكْرَان فَأَمَرَ بِجِلْدِهِ، وَكَانَ نُّعَيْمَانُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. وَكُلُّ هَذَا مَغْفُورًاٌ لَه وَمَسْكُوتًٌا عَنْهُ لِمَا أُولَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّوَابِقِ الْكَرِيمَةِ وَالْمَنَاقِبِ الْعَظِيمَةِ، وَشَكَرَ لَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِمَحَاسِنِهِمْ، فَقَالَ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ. .﴾ [الأحقاف: ١٦] الْآيَةَ. فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِظْهَارُ مَا مَدَحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَشَكَرَهم عَلَيْهِ مِنْ جَمِيلِ أفِعَالِهِمْ وَجَمِيلِ سَوَابِقِهِمْ، وَأَنْ يَغُضُّوا عَمَّا كَانَ مِنْهُمْ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَالْإغْفَالِ وَفَرَطَ مِنْهُمْ عِنْدَ اسْتِزْلَالَ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُمْ، وَنَأْخُذُ فِي ذِكْرِهِمْ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا ⦗٣٤٢⦘ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ الْآيَةَ. فَإِنَّ الْهَفْوَةَ وَالزَّلَلَ وَالْغَضَبَ وَالْحِدَّةَ وَالْإِفْرَاطَ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَهُوَ لَهُمْ غْفُورٌ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ، وَلَا الْعَدَاوَةَ لَهُمْ، وَلَكِنْ يحِبُّ عَلَى السَّابِقَةِ الْحَمِيدَةِ، ويتُولِي للْمَنْقَبَةِ الشَّرِيفَةِ

1 / 340