٤٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: كنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا» . فَانْطَلَقَ سَرَعَانُ النَّاسِ يُرِيدُونَ الْمَاءَ وَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَمَالَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَاحِلَتُهُ فَنَعَسَ. فَنِمْنَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَالَ: أَصْبَحَ الناس وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ بِالْمَاءِ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ﵄، فَقَالَا: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، لَمْ يَكُنْ لِيَسْبِقَكُمْ إِلَى الْمَاءِ وَيُخَلِّفَكُمْ، وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» قَالَهَا ثَلَاثًا وَلِلصِّدِّيقِ ﵁ مَنَاقِبُ مَشْهُورَةٌ وَفَضَائِلُ مَعْدُودَةٌ، وَاكْتَفَيْنَا هَا هُنَا ⦗٢٥٥⦘ مِنْهَا بِهَذَا الْقَدْرِ لِأَنَّ الَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَأَفَاضِلُ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنْ تَفْضِيلِهِ وَتَقْدِيمِهِ يُغْنِي عَنْ إِيرادِ كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي شَأْنِهِ. وَلَعَمْرِي فَإِنَّ الْأُمَّةَ الْمُخْتَارَةَ الْمَشْهُودَةَ بِأَنَّهَا خَيْرُ الْأُمَمِ لَا تَجْتَمِعُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَهُدًى. فَإِنِ اعْتَرَضَ الْمُخَالِفُ بِمَا قَالَهُ بَعْضُ فَتَيَانِ الْأَنْصَارِ وَأَحْدَاثِهِمْ، وَقَوْلُهُمْ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. قِيلَ لَهُ: هَذِهِ مَقَالَةُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ مِنْهُمْ مِنْ شَبَابِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ إِذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ وَالْأَئِمَّةَ مِنْهُمْ. أَلَا تَرَى كَيْفَ أَذْعَنُوا وَانْقَادُوا لَمَّا ذَكَرَ لَهُمُ الصِّدِّيقُ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، الَّذِينَ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، فَأَسْرَعُوا إِلَى الْبَيْعَةِ وَكَفُّوا عَمَّا اجْتَمَعُوا لَهُ وَوَلَّوُا الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْوِزَارَةِ وَالنُّصْرَةِ فِي حَيَاتِهِ ﷺ طَائِعِينَ مُطِيعِينَ مُبَايِعِينَ لَهُ مُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ وَقَدْرِهِ