56

Trust of a Muslim in Allah in Light of the Quran and Sunnah

ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

Publisher

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ (١).
وقال سبحانه: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (٢).
قال الشيخ السعدي ﵀: «أي: واذكر عبدنا ورسولنا، أيوب - مثنيًا معظمًا له، رافعًا لقدره - حين ابتلاه، ببلاء شديد، فوجده صابرًا راضيًا عنه، وذلك أن الشيطان سلط، على جسده، ابتلاء من الله، وامتحانًا فنفخ في جسده، فتقرح قروحًا عظيمة ومكث مدة طويلة، واشتد به البلاء، ومات أهله، وذهب ماله، فنادى ربه: رب ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ فتوسل إلى الله بالإخبار عن حالة نفسه، وأنه بلغ الضر منه كل مبلغ، وبرحمة ربه الواسعة العامة فاستجاب الله له، وقال له: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ (٣). فركض برجله فخرجت من ركضته عين ماء باردة فاغتسل منها وشرب، فأذهب الله عنه ما به من الأذى، ﴿وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ﴾ أي: رددنا عليه أهله وماله.
﴿وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ بأن منحه الله العافية من الأهل والمال شيئًا كثيرًا، ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ به، حيث صبر ورضي، فأثابه الله ثوابًا عاجلًا قبل ثواب الآخرة.
﴿وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ أي: جعلناه عبرة للعابدين، الذين ينتفعون بالعبر، فإذا رأوا ما أصابه من البلاء، ثم ما أثابه الله بعد زواله، ونظروا السبب،

(١) سورة الأنبياء، الآيتان: ٨٣، ٨٤.
(٢) سورة ص، الآيات: ٤١، ٤٤.
(٣) سورة ص، الآية: ٤٢.

1 / 60