122

Thiqāt al-muslim bi-llāh taʿālā fī ḍawʾ al-kitāb waʾl-sunna

ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

Publisher

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

وقد سمع الله دعاء رسوله والمسلمين، فبعد أن دبت الفرقة في صفوف المشركين وسري بينهم التخاذل أرسل الله عليهم جندًا من الريح فجعلت تقوض خيامهم، ولا تدع لهم قدرًا إلا كفأتها، ولا طُنُبًا إلا قلعته، ولا يقر لهم قرار، وأرسل جندًا من الملائكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف.
وأرسل رسول الله ﷺ في تلك الليلة الباردة القارسة حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم، فوجدهم على هذه الحالة، وقد تهيأوا للرحيل، فرجع إلى رسول الله ﷺ، فأخبره برحيل القوم، فأصبح رسول الله ﷺ وقد رد الله عدوه بغيظهم لم ينالوا خيرًا وكفاه الله قتالهم، فصدق وعده، وأعز جنده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، فرجع إلى المدينة» (١).
ولقد كان ﷺ يبشر أصحابه بالنصر والظفر ويعدهم الخير. أما المنافقون فقد أظهروا في هذه الشدة ما تكنه ضمائرهم حتى قالوا: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ (٢). وانسحبوا قائلين: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَاذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ (٣). (٤).
إنه يتضح في تلك الغزوة شدة تضرع الرسول ﷺ ونزول النصر:
«كان رسول الله ﷺ كثير التضرع والدعاء والاستعانة بالله، وخصوصًا في مغازيه، وعندما اشتد الكرب على المسلمين أكثر مما سبق حتى بلغت القلوب الحناجر وزلزلوا زلزالًا شديدًا، فما كان من المسلمين

(١) الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، ص ٢٧٨.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ١٢.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ١٣.
(٤) نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، محمد بن عفيفي الخضري، تحقيق: هيثم هلال ص ١٥٠، ط/ ١، دار المعرفة بيروت: ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م.

1 / 128