97

Idārat al-waqt min al-manẓūr al-Islāmī waʾl-idārī

إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري

Genres

نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ (١) . فيأتيهم الجواب كلاّ. لقد مضى وقت العمل ولن يعود، فالدنيا عمل ولاحساب، والآخرة حساب ولا عمل.
تاسعًا: كيف يعيش المسلم وقته؟ (٢)
ينبغي للمسلم إذا أراد أن يُبارك الله له في عمره أن يسير على نظام الحياة اليومي في الإسلام، ويقتضي هذا النظام أن يستيقظ المسلم مبكرًا، وينام مبكرًا.
يبدأ يوم المسلم منذ مطلع الفجر، أو على الأقل قبل مشرق الشمس، وبهذا يتلقى الصباح طاهرًا نقيًا قبل أن تلوثه أنفاس العصاة، الذين لا يفيقون من نومهم إلا في ضحى النهار، وهنا يستقبل المسلم يومه من البكور الذي دعا الرسول ﷺ لأمته بالبركة فيه، حين قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» (٣) .
ومن الآفات التي ابتلي بها المسلمون أنهم غيروا نظام يومهم، فهم يسهرون طويلًا، ثم ينامون حتى تضيع عليهم صلاة الصبح، وقد قال بعض السلف: عجبتُ لمن يصلي الصبح بعد طلوع الفجر كيف يرزق؟!
وفي حديث أبي هريرة ﵁ عن النبيِّ ﷺ قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَد، يضرب كلَّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» (٤) .
وما أعظم الفارق بين المسلم الذي انحلت عُقَد الشيطان كلُّها من نفسه، فاستقبل يومه من الصباح الباكر بالذكر والطهارة والصلاة، وانطلق إلى معترك

(١) سورة إبراهيم، الآية ٤٤.
(٢) انظر: القرضاوي، يوسف، الوقت في حياة المسلم، مرجع سابق، ص ٢٥-٣١. بتصرّف
(٣) سبق تخريجه في هوامش هذا الفصل بالرقم (٥٢) .
(٤) البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، مرجع سابق، كتاب (١٩)، باب (١٢)، رقم الحديث (١١٤٢)، ص ٢٢٥. والقشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح الإمام مسلم، مرجع سابق، كتاب (٦)، باب (٢٨)، رقم الحديث (٧٧٦)، ج١ ص ٥٣٨.

1 / 130