فقال القزم: «حقا إنك لفارس متيم غافل، أفتريد أن تعرف عن هذا الشأن أكثر من أنك تتشرف بتلقي الأمر من أميرة ألقى إليك بها ملك من الملوك؟ إنا لا نريد أن نتحدث إليك بأكثر من أن نأمرك باسم هذا الخاتم، وبما له من نفوذ، أن تتبعنا إلى صاحبته، واعلم أن كل دقيقة تتوانى جرم في واجب ولائك.»
فقال الفارس: «أي نكتبانس الكريم، تريث قليلا، هل تعرف سيدتي أية مهمة قد أسندت إلي هذا المساء، وفي أي مكان أقوم بها، وهل هي عليمة بأن حياتي - رحماك اللهم، كيف لي أن أتحدث عن حياتي - كلا، إنما شرفي، يتوقف على حراسة هذه الراية حتى منبثق النهار؛ وهل يجوز أن ترضى هي بأن أخلفها حتى وإن يكن لأداء واجب الخضوع؟ كلا، إن هذا لأمر محال، إن الأميرة قد أرادت أن تمزح مع خادمها حينما بعثت إليه بمثل هذه الرسالة، وما أظن غير ذلك، وبخاصة حينما أذكر أنها قد اختارت مثلك لها رسولا.»
فقال نكتبانس وقد تلفت كأنه يريد أن يفصل عن قنة الجبل «اعتقد بما شئت، إنني لا أكترث كثيرا إن كنت لهذه السيدة الملكية خائنا أو أمينا؛ وإذن فلأستودعك الله.»
فقال السير كنث: «البث قليلا، البث هنا؛ إني أتوسل إليك ألا تبرح؛ أجبني عن سؤال واحد، هل السيدة التي بعثت بك قريبة من هذا المكان؟»
فقال القزم: «وما شأن هذا؟ هل يحسب الإخلاص للفراسخ والأميال حسابا، كما يحسب الساعي الفقير الذي يؤجر على عمله بمقدار ما يقطع من أبعاد؟ ولكن، لتعلم أيها المرتاب أن صاحبة الخاتم الحسناء، التي بعثت بي إلى تابع مثلك ليس له وزن، وليس به صدق أو إقدام، لا تبعد عن هذا المكان أكثر من مرمى السهم من هذه القوس.»
فحدق الفارس في الخاتم، كأنه يريد أن يتثبت أن ليس بالشارة أثر من زيف أو بهتان، ثم قال للقزم: «هل سأمثل طويلا هناك؟»
فأجاب نكتبانس بأسلوبه الطائش وقال: «طويلا! ماذا تعني بقولك طويلا - إني لا أدرك للزمن معنى ولا أحس به، إن هي إلا كلمة مبهمة - ما الزمن إلا أنفاس متلاحقة نقيسها ليلا برنين الأجراس ونهارا بظل المزولة. هلا عرفت أن الوقت للفارس الحق ينبغي ألا يقاس إلا بما يؤدي من عمل في سبيل الله وفي سبيل سيدته؟»
فقال الفارس: «حقا إنها لكلمة الصدق من فم الطائش الأرعن، ولكن هل تستدعيني سيدتي حقا كي أقوم بعمل ذي بال باسمها وفي سبيلها؟ وهلا يمكن أن نستأخره بضع ساعات حتى ينبثق النهار؟»
فقال القزم: «إنها تريد منك المثول توا وبأسرع مما تتسرب عشر حبات من رمال مقياس الزمن؛
4
Unknown page