84

Tibyan

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

[قوله تعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاء_ت ما

حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون(17)]

تفسير التبيان ج1

إن الشراة روفة الاموال

وحزرة القلب خيار المال(1)

والاول أقوى لقوله: (فما ربحت تجارتهم) فبين ان ذلك بمعنى الشراء والبيع الذي بتعارفه الناس والربح - وان اضافه إلى التجارة - فالمراد به التاجر لانهم يقولون ربح: بيعك وخسر بيعك وذلك يحسن في البيع والتجارة لان الربح والخسران يكون فيهما ومتى التبس فلا يجوز إطلاقه لا يقال: ربح عبدك اذا أراد ربح في عبده لان العبد نفسه قد يربح ويخسر فلما أوهم لم يطلق دلك فيه وقيل: إن المراد فما ربحوا في تجارتهم كما يقال: خاب سعيك: أي خبت في سعيك وانما قال ذلك لان المنافقين بشرائهم الضلالة خسروا ولم يربحوا لان الرابح من استبدل سلعة بما هو أرفع منها فاما اذا استبدلها بما هو أدون منها فانما يقال خسر فلما كان المنافق استبدل بالهدى الضلالة وبالرشاد الخيبة عاجلا وفي الآخرة الثواب بالعقاب كان خاسرا غير رابح وانما قال: " وما كانوا مهتدين " لانه يخسر التاجر ولا يربح ويكون على هدى فأراد الله تعالى أن ينفي عنهم الربح والهداية فقال: " فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين " باستبدالهم الكفر بالايمان واشترائهم النفاق بالتصديق والاقرار بها فان قيل: لم قال: فما ربحت تجارتهم في موضع ذهبت رؤوس اموالهم؟

قيل: لانه قد ذكر الضلالة بالهدى فكأنه قال: طلبوا الربح فما ربحوا لما هلكوا وفيه معنى ذهبت رؤوس اموالهم ويحتمل ان يكون ذلك على التقابل: وهو ان الذين اشتروا الضلالة بالهدى لم يربحوا كما ان الذين اشتروا الهدى بالضلالة ربحوا.

قوله تعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون(17)

اللغة: إن قيل: كيف قال: (مثلهم) أضاف المثل إلى الجمع ثم شبهه بالواحد في

---

(1) في الطبعة الايرانية: " الشراء " يدل " الشراة " وحوزة بدل " حزرة " والصحيح ما ذكرنا كما عن اللسان في مادة " حزر " وروقة الناس: خيارهم وحزرة نفسي: خير ما عندي تفسير التبيان ج1

Page 83