Al-Tibyān fī Iʿrāb al-Qurʾān
التبيان في إعراب القرآن
Editor
علي محمد البجاوي
Publisher
عيسى البابي الحلبي وشركاه
وَالتَّنْوِينُ فِي عَرَفَاتٍ، وَجَمِيعِ جَمْعِ التَّأْنِيثِ نَظِيرُ النُّونِ فِي مُسْلِمُونَ، وَلَيْسَتْ دَلِيلَ الصَّرْفِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ التَّنْوِينَ وَيَكْسِرُ التَّاءَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهَا، وَيَجْعَلُ التَّاءَ فِي الْجَمْعِ كَالتَّاءِ فِي الْوَاحِدِ، وَلَا يُصْرَفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّأْنِيثِ وَأَصْلُ أَفَضْتُمْ أَفْضَيْتُمْ لِأَنَّهُ فَاضَ يَفِيضُ إِذَا سَالَ، وَإِذَا كَثُرَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ كَانَ مَشْيُهُمْ كَجَرَيَانِ السَّيْلِ.
(عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ): يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ: كَمَا هَدَاكُمُ الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ تَقْدِيرُهُ: فَاذْكُرُوهُ مُشْبِهِينَ لَكُمْ حِينَ هَدَاكُمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ ; لِأَنَّ الْجُثَّةَ لَا تُشْبِهُ الْحَدَثَ ; وَمِثْلُهُ: (كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ): الْكَافُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَوْ حَالٌ تَقْدِيرُهُ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ مُبَالِغِينَ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي الْأُولَى بِمَعْنَى «عَلَى» تَقْدِيرُهُ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) [الْبَقَرَةِ: ٢٠٠] .
(وَإِنْ كُنْتُمْ): إِنْ هَاهُنَا مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّهُ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ ضَالِّينَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً) [الْبَقَرَةِ: ١٤٣] .
قَالَ تَعَالَى ﴿ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَاضَ النَّاسُ) الْجُمْهُورُ عَلَى رَفْعِ السِّينِ، وَهُوَ جَمْعٌ،
1 / 163