137

Al-Tibyān fī Iʿrāb al-Qurʾān

التبيان في إعراب القرآن

Editor

علي محمد البجاوي

Publisher

عيسى البابي الحلبي وشركاه

«وَلَوْ» يَلِيهَا الْمَاضِي، وَلَكِنْ وُضِعَ لَفْظُ الْمُسْتَقْبَلِ مَوْضِعَهُ إِمَّا عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ، وَإِمَّا لِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعَالَى صِدْقٌ فَمَا لَمْ يَقَعْ بِخَبَرِهِ فِي حُكْمِ مَا وَقَعَ.
وَأَمَّا (إِذْ) فَظَرْفٌ وَقَدْ وَقَعَتْ هُنَا بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ وَوَضْعُهَا أَنْ تَدُلَّ عَلَى الْمَاضِي، إِلَّا أَنَّهُ جَازَ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ خَبَرَ اللَّهِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْمَاضِي، أَوْ عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ بِإِذْ، كَمَا يُحْكَى بِالْفِعْلِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ وَضَعَ إِذْ مَوْضِعَ إِذَا، كَمَا يُوضَعُ الْفِعْلُ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ ; لَقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ إِنَّ زَمَنَ الْآخِرَةِ مَوْصُولٌ بِزَمَنِ الدُّنْيَا، فَجَعَلَ الْمُسْتَقْبَلَ مِنْهُ كَالْمَاضِي، إِذْ كَانَ الْمُجَاوِرُ لِلشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهَذَا يَتَكَرَّرُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا ; كَقَوْلِهِ: «وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ» «وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ» . «وَإِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ» .
(وَإِذْ يَرَوْنَ): ظَرْفٌ لِيَرَى الْأُولَى، وَقُرِئَ وَلَوْ تَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا بِالتَّاءِ، وَهِيَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ ; أَيْ لَوْ رَأَيْتَهُمْ وَقْتَ تَعْذِيبِهِمْ. وَيُقْرَأُ: يَرَوْنَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِعْرَابِ وَالْمَعْنَى.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ «أَنَّ الْقُوَّةَ»، «وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ» .
وَيُقْرَأُ: بِكَسْرِهَا فِيهِمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ لَقَالُوا: إِنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ.
وَ(جَمِيعًا): حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْجَارِّ، وَالْعَامِلُ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذين اتبعُوا لَو أَن لنا كرة فنتبرأ مِنْهُم كَمَا تبرؤوا منا كَذَلِك يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار)

1 / 136