Al-Tibyān fī Iʿrāb al-Qurʾān
التبيان في إعراب القرآن
Editor
علي محمد البجاوي
Publisher
عيسى البابي الحلبي وشركاه
وَيُقْرَأُ عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مُسْتَأْنَفًا. وَ(مِنْ مَقَامِ): يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ ; أَيْ بَعْضُ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بِمَعْنَى فِي. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ. وَ(مُصَلًّى): مَفْعُولُ اتَّخَذُوا، وَأَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَوَزْنُهُ مُفْعَلٌ، وَهُوَ مَكَانٌ لَا مَصْدَرٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: مَكَانُ مُصَلًّى ; أَيْ مَكَانُ صَلَاةٍ، وَالْمَقَامُ مَوْضِعُ الْقِيَامِ، وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ هُنَا ; لِأَنَّ قِيَامَ إِبْرَاهِيمَ لَا يُتَّخَذُ مُصَلًّى.
(أَنْ طَهِّرَا): يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «أَنْ» هُنَا بِمَعْنَى أَيِ الْمُفَسِّرَةِ ; لِأَنَّ عَهِدْنَا بِمَعْنَى قُلْنَا وَالْمُفَسِّرَةُ تَرِدُ بَعْدَ الْقَوْلِ، وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا مَوْضِعَ لَهَا عَلَى هَذَا.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً وَصِلَتُهَا الْأَمْرُ، وَهَذَا مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِلَةً فِي أَنَّ دُونَ غَيْرِهَا، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ: بِأَنْ طَهِّرَا فَيَكُونُ مَوْضِعُهَا جَرًّا أَوْ نَصْبًا عَلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ. وَ(السُّجُودِ): جَمْعُ سَاجِدٍ، وَقِيلَ هُوَ مَصْدَرٌ، وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ ; أَيِ الرُّكَّعِ ذَوِي السُّجُودِ.
قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم رب اجْعَل هَذَا بَلَدا آمنا وارزق أَهله من الثمرات من آمن مِنْهُم بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر قَالَ وَمن كفر فأمتعه قَلِيلا ثمَّ أضطره إِلَى عَذَاب النَّار وَبئسَ الْمصير﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: (اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا): اجْعَلْ بِمَعْنَى صَيِّرْ ; وَهَذَا الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ; وَبَلَدًا الْمَفْعُولُ الثَّانِي ; وَ(آمِنًا) صِفَةُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، وَأَمَّا الَّتِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَتُذْكَرُ هُنَاكَ.
1 / 113