الباب الثاني
في سياسة الوزارة وسيرة الوزراء
اعلم أن السلطان يرتفع ذكره ويعلو قدره بالوزير إذا كان صالحًا كافيًا عادلًا لأنه لا يمكن لأحد من الملوك أن يصرف زمانه ويدير سلطانه بغير وزير ومن انفرد برأيه زل من غير شك. ألا ترى أن النبي ﷺ مع جلالة قدره وعظم درجته وفصاحته أمره الله تعالى بالمشاورة لأصحابه العقلاء العلماء فقال عز من قائل: (وشَاوِرِهُم فيِ الأمرِ) . وأخبر في موضع آخر عن موسى ﵇: (واجعل لي وزيرًا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري واشركه في أمري) وإذا لم يستغن الأنبياء ﵈ عن الوزراء واحتاجوا اليهم كان غيرهم من الناس أحوج.
سئل ازدشير بن بابك أي الأصحاب أصلح للملك؟ فقال الوزير العاقل المتقن الأمين الصالح التدبير ليدبر معه أمره ويشير اليه بما في نفسه. وعلى السلطان أن يعامل الوزير بثلاثة أشياء.
أحدها: إذا ظهرت منه زلة وجدت منه هفوة لا يعاجله بالعقوبة الثاني: إذا استغنى في خدمته وأينع ظله في دولته لا يطمع في ماله وثروته.