197

Tibb Nabawi

الطب النبوي لابن طولون

Genres

وله: إن أخي عرب بطنه، أي فسد هضمه واعتلت معدته وعرب كدرب قلت: قوله وكذب بطن أخيك - دال على أن للشرب منه لا يكفي مرة ولا مرتين وذلك الرجل كان إسهاله من تخمة فأمره صلى الله عليه وسلم بالعسل, والعسل شانه دفع الفضلات المجتمعة في المعدة والأمعاء, ووجه آخر وهو أن من الإسهال ما يكون سبب رطوبته يلحح في الأمعاء فلا تمسك الثقل, وهذا المرض يسمى زلق الأمعاء, والعسل فيه جلاء للرطوبات, فلما أخذ العسل جلا تلك الرطوبات فأحدرها فحصل البرء, ولذلك أكثر به الإسهال في المرة الأولى والثانية, وهذا من أحسن العلاج ولا سيما إن مزج العسل بماء حار.

قلت: أجمع الأطباء على هذا, ولذلك يقولون: إن احتاجت الطبيعة إلى معين على الإسهال أعينت بمثل هذا وهذا النوع من الإسهال يخطئ فيه كثير من الأطباء لأنه يتوهم أنه يحتاج إلى ما يمسكه فيبقى الطبيب كلما أعطى المريض دواء قابضا ازداد البلاء بالمريض إلى أن ييسر الله له طبيبا حاذقا يبرئه, وهذا يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له اطلاع على سائر الأمراض وعلاجاتها والأدوية المناسبة لها صلى الله عليه وسلم .

وقال عياض: في قوله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك - يريد قوله تعالى: {فيه شفاء للناس}، وهذا قول ابن مسعود وابن عباس والحسن رضي الله تعالى عنهم، وقال قوم: الضمير فيه عائد إلى القرآن وبه يقول مجاهد، وسياق الكلام يدل على أن المراد العسل.

وكانت عائشة تقول: كان أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العسل. وروت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلو والعسل - رواه الشيخان.

وأجود العسل الربيعي ثم الصيفي ثم الشتوي.

وأجمع الأطباء أنه أنفع ما يتعالج به الإنسان لما فيه من التقوية مع الجلاء للمعدة، ويحفظ اللحم الطري ثلاثة أيام، والخيار والقثاء ستة أشهر، وإذا لطخ به البدن: قتل القمل ولين الشعر وطوله وحسنه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالشفائين العسل والقرآن: فيه سر لطيف أي لا يكتفي بالقرآن وحده ويبطل السعي، بل يعمل بما أمر ويسعى في الرزق كما قدر، ويسأله المعونة والتوفيق. لما يسر بمنزلة الفلاح الذي يحرث الأرض ويودعها البذر ثم يضرع إلى خالقه في دفع العاهات وإنزال القطر، ويستعمل بعد ذلك التوكل عليه سبحانه في إتمام ما منه حذر وأنذر في جلب الصحة ودفع الضرر.

Page 211