وقوله ((يبرد عن فؤاد الحزين)) أي يكشف ويزيل، والفؤاد هنا رأس المعدة، وذلك لأن الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء وهذا الحساء يرطبها ويقيوها ويغذيها ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض، لأن المريض كثيرا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ويحدره ويعدل كيفيته ويكسر سورته [فيريحها] وسماه البغيض النافع لأن المريض يعافه وهو نافع.
وقال في الحديث ((لا تكرهوا مرضاكم)) الحديث ما أغزر فوائد هذه الكلمة النبوية المشتملة على الحكم الإلهية لا سيما للأطباء وذلك: لأن المريض إذا عاف الطعام والشراب ذلك لاشتغال الطبيعة بمجاهدة المرض، أو سقوط شهوته أو نفقاتها لضعف الحرارة الغريزية أو خمودها وكيف ما كان: فلا يجوز إعطاؤها الغذاء في هذا الحال.
وقال ابن القيم في قوله ((إن الله يطعمهم ويسقيهم)) يعني لطيف زائد على ما ذكره الأطباء وهو أن المريض له مدد من الله تعالى يغذيه به زائد على ما ذكره الأطباء من تغذيته بالدم.
Page 127