285

Al-ṭibb al-nabawī li-Ibn al-Qayyim - al-Fikr

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Publisher

دار الهلال

Edition Number

-

Publisher Location

بيروت

لَحْمِهَا مَشْوِيًّا، وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَطْنَ، وَيُدِرُّ الْبَوْلَ، ويفتّت الحصى، وأكل رؤوسها ينفع من الرعشة.
لحم حمار الوحش: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ»: مِنْ حَدِيثِ أبي قتادة ﵁، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْضِ عُمَرِهِ، وَأَنَّهُ صَادَ حِمَارَ وَحْشٍ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِأَكْلِهِ وَكَانُوا مُحْرِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو قَتَادَةَ مُحْرِمًا.
وَفِي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ»: عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَكَلْنَا زَمَنَ خيبر الخيل وحمر الوحش «١» .
لَحْمُهُ حَارٌّ يَابِسٌ، كَثِيرُ التَّغْذِيَةِ، مُوَلِّدٌ دَمًا غَلِيظًا سَوْدَاوِيًّا، إِلَّا أَنَّ شَحْمَهُ نَافِعٌ مَعَ دُهْنِ الْقُسْطِ لِوَجَعِ الظَّهْرِ وَالرِّيحِ الْغَلِيظَةِ الْمُرْخِيَةِ لِلْكُلَى، وَشَحْمُهُ جَيِّدٌ لِلْكَلَفِ طِلَاءً، وَبِالْجُمْلَةِ فَلُحُومُ الْوُحُوشِ كُلُّهَا تُوَلِّدُ دَمًا غَلِيظًا سَوْدَاوِيًّا، وَأَحْمَدُهُ الغزال، وبعده الأرنب.
لُحُومُ الْأَجِنَّةِ: غَيْرُ مَحْمُودَةٍ لِاحْتِقَانِ الدَّمِ فِيهَا، وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ، لِقَوْلِهِ ﷺ:
«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ! «٢» .
وَمَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ أَكْلِهِ إِلَّا أَنْ يُدْرِكَهُ حَيًّا فَيُذَكِّيَهُ، وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ ذَكَاتَهُ كَذَكَاةِ أُمِّهِ. قَالُوا: فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَهَذَا فَاسِدٌ، فَإِنَّ أَوَّلَ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَذْبَحُ الشَّاةَ، فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا أَفَنَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ: «كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» .
وَأَيْضًا: فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي حِلَّهُ، فَإِنَّهُ مَا دَامَ حَمْلًا فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُمِّ، فَذَكَاتُهَا ذَكَاةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ بِقَوْلِهِ: «ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ»، كَمَا تَكُونُ ذَكَاتُهَا ذَكَاةَ سَائِرِ أَجْزَائِهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْتِ عَنْهُ السُّنَّةُ الصَّرِيحَةُ بِأَكْلِهِ، لَكَانَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ يقتضي حله.

(١) أخرجه ابن ماجه في الذبائح.
(٢) أخرجه أبو داود وأحمد وابن ماجه والترمذي.

1 / 287