Al-ṭibb al-nabawī li-Ibn al-Qayyim - al-Fikr
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Publisher
دار الهلال
Edition Number
-
Publisher Location
بيروت
السُّكَّرِ، وَفِيهِ مَعُونَةٌ عَلَى الْقَيْءِ، وَيُدِرُّ الْبَوْلَ، وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ. قَالَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ: مَنْ مَصَّ قَصَبَ السُّكَّرِ بَعْدَ طَعَامِهِ، لَمْ يَزَلْ يَوْمَهُ أَجْمَعَ فِي سُرُورٍ، انْتَهَى. وَهُوَ يَنْفَعُ مِنْ خُشُونَةِ الصَّدْرِ وَالْحَلْقِ إِذَا شُوِيَ، وَيُوَلِّدُ رِيَاحًا دَفْعُهَا بِأَنْ يُقَشَّرَ، وَيُغْسَلَ بِمَاءٍ حَارٍّ. وَالسُّكَّرُ حَارٌّ رَطْبٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بَارِدٌ.
وَأَجْوَدُهُ: الْأَبْيَضُ الشَّفَّافُ الطَّبَرْزَدُ، وَعَتِيقُهُ أَلْطَفُ مِنْ جَدِيدِهِ، وَإِذَا طُبِخَ وَنُزِعَتْ رَغْوَتُهُ، سَكَّنَ الْعَطَشَ وَالسُّعَالَ، وَهُوَ يَضُرُّ الْمَعِدَةَ الَّتِي تَتَوَلَّدُ فِيهَا الصَّفْرَاءُ لِاسْتِحَالَتِهِ إِلَيْهَا، وَدَفْعُ ضَرَرِهِ بِمَاءِ اللَّيْمُونِ أَوِ النَّارَنْجِ، أَوِ الرُّمَّانِ اللُّفَّانِ.
وَبَعْضُ النَّاسِ يُفَضِّلُهُ عَلَى الْعَسَلِ لِقِلَّةِ حَرَارَتِهِ وَلِينِهِ، وَهَذَا تَحَامُلٌ مِنْهُ عَلَى الْعَسَلِ، فَإِنَّ مَنَافِعَ الْعَسَلِ أَضْعَافُ مَنَافِعِ السُّكَّرِ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ شِفَاءً وَدَوَاءً، وَإِدَامًا وَحَلَاوَةً، وَأَيْنَ نَفْعُ السُّكَّرِ مِنْ مَنَافِعِ الْعَسَلِ: مِنْ تَقْوِيَةِ الْمَعِدَةِ، وَتَلْيِينِ الطَّبْعِ، وَإِحْدَادِ الْبَصَرِ، وَجَلَاءِ ظُلْمَتِهِ، وَدَفْعِ الخوانيق بالغرغرة به، وإبرائه من الفالج اللّقوة، وَمِنْ جَمِيعِ الْعِلَلِ الْبَارِدَةِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ مِنَ الرُّطُوبَاتِ، فَيَجْذِبُهَا مِنْ قَعْرِ الْبَدَنِ، وَمِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَحِفْظِ صِحَّتِهِ وَتَسْمِينِهِ وتسخينه، والزيادة في الباه، والتحليل الجلاء، وَفَتْحِ أَفْوَاهِ الْعُرُوقِ، وَتَنْقِيَةِ الْمِعَى، وَإِحْدَارِ الدُّودِ، وَمَنْعِ التَّخَمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعَفَنِ، وَالْأُدْمِ النَّافِعِ، وَمُوَافَقَةِ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْبَلْغَمُ وَالْمَشَايِخُ وَأَهْلُ الْأَمْزِجَةِ الْبَارِدَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ: فَلَا شَيْءَ أَنْفَعُ مِنْهُ لِلْبَدَنِ، وَفِي الْعِلَاجِ وَعَجْزِ الْأَدْوِيَةِ، وَحِفْظِ قُوَاهَا، وَتَقْوِيَةِ الْمَعِدَةِ إِلَى أَضْعَافِ هَذِهِ الْمَنَافِعِ، فَأَيْنَ لِلسُّكَّرِ مِثْلُ هَذِهِ الْمَنَافِعِ وَالْخَصَائِصِ أَوْ قَرِيبٍ منها؟
حَرْفُ الْكَافِ
كِتَابٌ لِلْحُمَّى: قَالَ المروزي: بَلَغَ أبا عبد الله أَنِّي حُمِمْتُ، فَكَتَبَ لِي مِنَ الْحُمَّى رُقْعَةً فِيهَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قُلْنَا: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إبراهيم، وأرادوا به كيدا، فجعلناهم الأخسرين، اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، اشْفِ صَاحِبَ هَذَا الْكِتَابِ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَجَبَرُوتِكَ، إِلَهَ الْحَقِّ آمين.
1 / 269