190

Tibb Nabawi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Publisher

دار الهلال

Edition Number

-

Publisher Location

بيروت

وَكَمَا قِيلَ: إِذَا رُمْتُهَا كَانَتْ فِرَاشًا يُقِلُّنِي ... وَعِنْدَ فَرَاغِي خَادِمٌ يَتَمَلَّقُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ.، وَأَكْمَلُ اللِّبَاسِ وَأَسْبَغُهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنَّ فِرَاشَ الرَّجُلِ لِبَاسٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لِحَافُ الْمَرْأَةِ لَهَا، فَهَذَا الشَّكْلُ الْفَاضِلُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَبِهِ يَحْسُنُ مَوْقِعُ اسْتِعَارَةِ اللِّبَاسِ مِنْ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهَا تَنْعَطِفُ عَلَيْهِ أَحْيَانًا، فَتَكُونُ عَلَيْهِ كَاللِّبَاسِ، قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى جِيدَهَا ... تَثَنَّتْ فَكَانَتْ عَلَيْهِ لِبَاسَا وَأَرْدَأُ أَشْكَالِهِ أَنْ تَعْلُوَهُ الْمَرْأَةُ، وَيُجَامِعَهَا عَلَى ظَهْرِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الشَّكْلِ الطَّبِيعِيِّ الَّذِي طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ، بَلْ نَوْعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَفِيهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ، أَنَّ الْمَنِيَّ يَتَعَسَّرُ خُرُوجُهُ كُلُّهُ، فَرُبَّمَا بَقِيَ فِي الْعُضْوِ مِنْهُ فَيَتَعَفَّنُ وَيَفْسُدُ، فَيَضُرُّ وَأَيْضًا: فَرُبَّمَا سَالَ إِلَى الذَّكَرِ رُطُوبَاتٌ مِنَ الْفَرْجِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّ الرَّحِمَ لَا يَتَمَكَّنُ من الاشتمال على الماء واجتماعه فيه، وانضامه عَلَيْهِ لِتَخْلِيقِ الْوَلَدِ، وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَفْعُولٌ بِهَا طَبْعًا وَشَرْعًا، وَإِذَا كَانَتْ فَاعِلَةً خَالَفَتْ مُقْتَضَى الطَّبْعِ وَالشَّرْعِ. وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِنَّمَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ عَلَى جُنُوبِهِنِّ عَلَى حَرْفٍ، وَيَقُولُونَ: هُوَ أَيْسَرُ لِلْمَرْأَةِ. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ تَشْرَحُ النّساء على أقفائهن، فعابت اليهود عليهما ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ «١» . وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ جابر، قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فى قلبها، كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: نِساؤُكُمْ

(١) البقرة- ١٨٧.

1 / 192