107

Tibb Nabawi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Publisher

دار الهلال

Edition Number

-

Publisher Location

بيروت

انْفِعَالُهَا عَنْهُ، وَلَا تَجْسُرُ عَلَى الْأَدْوِيَةِ الْقَوِيَّةِ فِي الْفُصُولِ الْقَوِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَهُ الْعِلَاجُ بِالْغِذَاءِ، فَلَا يُعَالِجُ بِالدَّوَاءِ، وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ أَحَارٌّ هُوَ أَمْ بَارِدٌ؟ فَلَا يُقْدِمُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ، وَلَا يُجَرِّبُهُ بِمَا يَخَافُ عَاقِبَتَهُ، وَلَا بَأْسَ بِتَجْرِبَتِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ أَثَرُهُ. وَإِذَا اجْتَمَعَتْ أَمْرَاضٌ، بَدَأَ بِمَا تَخُصُّهُ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ بُرْءُ الْآخَرِ مَوْقُوفًا عَلَى بُرْئِهِ كَالْوَرَمِ وَالْقُرْحَةِ، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْوَرَمِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهَا سَبَبًا لِلْآخَرِ، كَالسُّدَّةِ وَالْحُمَّى الْعَفِنَةِ، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِإِزَالَةِ السَّبَبِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَهَمَّ مِنَ الْآخَرِ، كَالْحَادِّ وَالْمُزْمِنِ، فَيَبْدَأُ بالحاد، ومع هذا فلا يغافل عَنِ الْآخَرِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَرَضُ وَالْعَرَضُ، بَدَأَ بِالْمَرَضِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ أَقْوَى كَالْقُولَنْجِ «١»، فَيُسَكِّنَ الْوَجَعَ أَوَّلًا، ثُمَّ يُعَالِجَ السُّدَّةَ، وَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنِ الْمُعَالَجَةِ بِالِاسْتِفْرَاغِ بِالْجُوعِ أَوِ الصَّوْمِ أَوِ النَّوْمِ، لَمْ يَسْتَفْرِغْهُ، وَكُلُّ صِحَّةٍ أَرَادَ حِفْظَهَا، حَفِظَهَا بِالْمِثْلِ أَوِ الشَّبَهِ، وَإِنْ أَرَادَ نَقْلَهَا إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ منها، نقلها بالضد. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي التَّحَرُّزِ مِنَ الْأَدْوَاءِ الْمُعْدِيَةِ بِطَبْعِهَا وَإِرْشَادِهِ الْأَصِحَّاءَ إِلَى مُجَانَبَةِ أَهْلِهَا ثَبَتَ فِي «صَحِيحِ مسلم» مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ: «ارجع فقد بايعناك» «٢» .

(١) القولنج: مرض معوي مؤلم يعسر معه خروج التفل والريح (٢) أخرجه مسلم في السلام، وأخرجه ابن ماجه وأحمد وابن خزيمة وابن جرير عن عمرو بن الشريد عن أبيه

1 / 109