239

al-Tibb al-nabawi

الطب النبوي

Genres

قال ابن سينا: إن الله تعالى لعنايته بالإنسان خلق أمعاء ذات عدد، وتلافيف، ليكون للطعام المنحدر من المعدة مكث فيها.

والمعدة أصل كل داء، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (المعدة بيت الداء).

وكذلك قال: (وإذا سقمت المعدة صدرت العروق بالسقم) وقد تقدم الكلام عليه.

واعلم أن الله سبحانه وتعالى وله الحمد ركب أبدان الحيوان من أعضاء كثيرة، وجعل العظام عمد البدن، ولم يجعل ما في البدن عظما واحدا، بل عظاما كثيرة للحاجة إلى اختلاف الحركات، فلو كان البدن عظما واحدا لامتنع من الحركة المختلفة.

وأوصل سبحانه وله الحمد كل عظمين بجسم يسمى الرباط، وجعل سبحانه في آخر طرف العظم زائدة ناتئة، وفي الطرف الآخر نقرة موافقة لدخول تلك الزائدة، فالتأمت بذلك هيئة الخلقة وتسهلت الحركات.

وجعل سبحانه وتعالى الدماغ مبدأ الحس والحركة، وأنبت منه الأعصاب لتؤدي إلى كل عضو الحس والحركة.

وبعث سبحانه وله الحمد من هذه الأعصاب قسما إلى العين يسمى العصب النوري به يتم البصر، وقسما آخر إلى الأذنين به يتم السمع، وقسما آخر على المنخرين به يتم الشم، وقسما آخر إلى اللسان به يتم الذوق.

وجعل سبحانه وتعالى حركات الأعضاء بآلات تسمى العضل، وزاد سبحانه وتعالى وثاق الأعضاء بآلات تسمى الوتر.

ولما كان أسافل البدن فيه بعد ما عن الدماغ، جعل الخالق سبحانه وتعالى في مؤخر عظم قحف الدماغ ثقبا يخرج منه النخاع يمتد في خرز الظهر يعطي أسافل البدن الحس والحركة.

وحصن سبحانه وتعالى الدماغ بعظم القحف، والنخاع بخرز الظهر، كما حصن القلب والكبد بعظام الصدر، فإن هذه الأعضاء شريفة، فحصنت بالعظام لتكون أبعد عن قبول الآفات.

Page 303