وقد ذكر ابن تيمية كلامًا عن الصلح بعد أن ساق الحديث السابق أيضًا فقال: «فأصلح اللّه بالحسن بين أهل العراق وأهل الشّام فجعل النّبيّ ﷺ الإصلاحَ به من فضائل الحسن، مع أنّ الحسن نزل عن الأمر وسلّم الأمر إلى معاوية، فلو كان القتال هو المأمور به دون ترك الخلافة ومصالحة معاوية لم يمدحه النّبيّ ﷺ على ترك ما أمر به، وفَعْلِ ما لم يؤمر به، ولا مدحه على تَرْكِ الأولى وفِعْلِ الأدنى، فعلم أنّ الّذي فعله الحسن هو الّذي كان يحبّه اللّه ورسوله لا القتال» (^١).
٣ - إن ما تم بين الحسن ﵁ ومعاوية ﵁ كان سرًّا في تفاصيله، وأصح ما خرج منه هو ما ذكره البخاري في حديثه السابق، ومما يؤيد ذلك ما أخرجه ابن سعد بسنده عن عمرو بن دينار (^٢) أنه قال: «إن معاوية كان يعلم أن الحسن كان أكره الناس للفتنة، فلما توفي عليٌّ بعث إلى الحسن فأصلح الذي بينه وبينه سرًّا» (^٣) (قال المحقق: إسناده صحيح) (^٤).
٤ - جاءت الآثار أن الحسن ﵁ سلم الأمر لمعاوية ﵁ وبايعه، وأمر أصحابه أن يبايعوا له؛ حيث روى ذلك ابن سعد بسنده عن هلال بن خباب (^٥) أنه قال: «جمع الحسن بن علي رءوس أصحابه في قصر المدائن، فقال: يا أهل العراق، لو لم تذهل (^٦) نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت: مقتلكم أبي،