قال أبو حيان (^١): (والذي أقوله وأعتقده وآخذ به واستهام عليه أني لم أجد في جميع من تقدّم وتأخر ثلاثة لو اجتمع الثقلان على تقريظهم ومدحهم ونشر فضائلهم في أخلاقهم وعلمهم ومصنفاتهم ورسائلهم مدى الدنيا إلى أن يأذن الله بزوالها لما بلغوا آخر ما يستحقه كلّ واحد منهم، أحدهم هذا الشيخ الذي أنشأنا له هذه الرسالة وبسببه جشّمنا هذه الكلفة، أعني أبا عثمان عمرو بن بحر، والثاني أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري فإنه من نوادر الرجال، جمع بين حكمة الفلاسفة وبيان العرب، له في كلّ فنّ ساق وقدم ورواء وحكم، وهذا كلامه في «الأنواء» يدلّ على حظّ وافر من علم النجوم وأسرار الفلك، فأما كتابه في «النبات» فكلامه فيه في عروض كلام أبدى بدويّ وعلى طباع أفصح عربيّ، ولقد قيل لي: إن له في القرآن كتابًا يبلغ ثلاثة عشر مجلدًا ما رأيته، وأنه ما سبق إلى ذلك النمط، هذا مع ورعه وزهده وجلالة قدره. وقد وقف الموفّق (^٢) عليه وسأله وتحفّى به) (^٣).
وقال عنه (أبو حنيفة هذا من كبار الناس وعلمائهم، وكان ثقةً مأمونًا زاهدًا حكيمًا، وكان بدويّ الكلام، رفيع الطبقة) (^٤)، ونجد أن أبا حيان التوحيدي لم يذكر أن له كتابًا اسمه الأخبار الطوال.