أسباب وقوع الحرج على الأمة
الناحية الأولى: أن نفس السائل خبيثة، والنفوس الخبيثة تستصعب السهل، فالصلوات الخمس لا مشقة فيها، ولكن كثيرًا من الناس يقول: هذه مشقة، وأنا لا أترك عملي ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج:٧٨]، (يسروا ولا تعسروا) مع أنه لا دخل لهذا بالعسر ولكن النفس خبيثة تستصعب السهل.
الناحية الثانية: أن الذي بلغ الفتيا بلغها خطأ، لم يحصل أصول العلم، فتكون فتواه خطأ، فدين الله ﷿ يضيع بين الإفراط والتفريط، رجل يشدد جدًا بدعوى الاحتياط وأنه يجب أن نتورع وهي عبارة عن تشديدات على النفس، فيجد الإنسان نفسه يأخذ في كل شيء بالأشد والأشد، حتى يجد أن النهاية ترك الدين.
ورجل آخر يقول: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا، ويترك الحبل على الغارب، بالذات في مسائل الطلاق، فيسأله شخص فيقول: يا شيخ! أنا طلقت امرأتي وأنا غضبان، فيقول له: هات عشرين جنيهًا واذهب وهات قارورة سمن، وهذه أنا رأيتها بعيني، فإذا ما أعطى له عشرين جنيهًا فلن ترجع له امرأته، فيكون دخوله بها زنا.
وهذا منتشر وموجود، ومثلًا: لجنة الفتوى في الأزهر -وهذا شيء رأيته بعيني- واحد قال: طلقت امرأتي، فقال له: هذا شيء ما أحد يعمله، كيف لا أحد يعمله؟ أليس تسأله أولًا أنت طلقت بطهر أو بحيض أما ماذا؟ أما أن يقول له: أنت كنت غضبانًا، فيقول له: نعم، إذن مرة أخرى لا تعملها، مثلًا.
فهذا يعتبر خطأً جسيمًا؛ لأن الرجل قد يطلق امرأته ثلاث مرات فتكون بائنة بينونة كبرى.
ذهب العلماء الربانيون، فإن العالم الرباني لا يتكلم عن الله ﷿ إلا بعلم لا عن اجتهادات، ونحن نطمع أن الساحة القادمة يكون فيها هذا النمط المفقود في الأمة المسلمة.
6 / 5