غزوة خيبر
ولما كانت خيبر معقل خيانة وعداوة من اليهود الذين تم إجلاؤهم من المدينة فقاموا بدعم قريش والأحزاب وتحريضهم على غزو المدينة وحرضوا بقية يهود المدينة، واستمروا في إعلان العداء والتأليب على المسلمين بكل ما استطاعوا؛ خَرَجَ إليهم النبيُّ ﷺ في أول السنة السابعة بجيش من الصحابة وسار إِلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهَا لَيْلًا، وَكَانَ اللَّه ﷾، قَدْ وَعَدَ رَسُولَهُ ﷺ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ بِفَتْحِهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ. قَالَ أَنَسٌ: فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ ﷺ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِىُّ اللَّهِ ﷺ فِى زُقَاقِ خَيْبَرَ وَإِنَّ رُكْبَتِى لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِىِّ اللَّهِ ﷺ وَانْحَسَرَ الإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ ﷺ فَإِنِّى لأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ. (^١) قَالَ: وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً (^٢)، وَجُمِعَ السَّبْيُ فَجَاءَهُ دِحْيَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِى جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ. فَقَالَ: «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً». فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلَاّ لَكَ. قَالَ «ادْعُوهُ بِهَا». قَالَ فَجَاءَ بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ ﷺ قَالَ: «خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ غَيْرَهَا». وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا.
(^١) وفي رواية: قالوا: محمد والخميس.
(^٢) وكانت حصونًا عديدة، آخرها فتحت صلحًا.
1 / 318