242
فَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. (^١)
قَالَ كَعْبٌ: نَعَمْ أَرْهِنُونِي. (^٢)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟.
قَالَ كَعْبٌ: أَرْهِنُونِي نِسَاءَكُمْ؟
فَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ؟
قَالَ كَعْبٌ: فَأَرْهِنُونِي أَبْنَاءَكُمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا، فيسَبُّ أَحَدُهُمْ؟ فيقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأَمَةَ، يَعْنِي السِّلَاحَ.
فَوَاعَدَهُ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالسَّلَاحِ.
وَصَنَعَ أَبُو نَائِلَةَ مِثْلَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، فَقَدْ جَاءَ كَعْبًا فتَنَاشَدَ مَعَهُ أَطْرَافَ الأَشْعَارِ سُوَيْعَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ الأَشْرَفِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُكَ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا لَكَ، فَاكْتُمْ عَنِّي. قَالَ كَعْبٌ: أَفْعَلُ.
قَالَ أَبُو نَائِلَةَ: كَانَ قُدُومُ هَذَا الرَّجُلِ -أَي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَلَاءً، عَادَتْنَا العَرَبُ، ورَمَتْنَا عَنْ قَوْس وَاحِدَةٍ، وَقَطَعَتْ عَنَّا السُّبُلَ، حَتَّى ضَاعَ العِيَالُ، وَجَهِدَتِ الأَنْفُسُ، وَأَصْبَحْنَا قَدْ جَهِدْنَا وَجَهِدَ عِيَالُنَا.

(^١) الوَسْق: بفتح الواو وسكون السين: سِتُّون صاعًا.
(^٢) أرهِنُوني: أي ادفعوا لي شيئًا يكون رَهْنًا على التَّمْرِ الذي تريدونه.

1 / 268