وكان محمد ﷺ قبل مبعثه لا يقدس الأصنام ويبغض ذلك، وكان يَقُولُ لِخَدِيجَةَ: "أَيْ خَدِيجَةُ، وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ، وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ العُزَّى أَبَدًا". قَالَ: فتَقُولُ خَدِيجَةُ ﵂: خَلِّ اللَّاتَ، خَلِّ العُزَّى. ولَمْ يَشْرَبْ رسُولُ اللَّهِ ﷺ خَمْرًا، وَلَا قَرُبَ مِنْ فَاحِشَةٍ. وَلَمْ يَكُنْ يطُوفُ عُرْيَانًا، وكانَ يَقِفُ مَعَ النَّاسِ بَعَرَفَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، ولا يَصْنَعُ ما تَصْنَعُ قُرَيْشٌ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِهَا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَاتٍ، ووُقُوفُهَا بِالمُزْدَلِفَةِ. وكَانَ يَسْمَعُ صَوْتُ هَاتِفٍ به مِنَ المَلائِكَةِ، ويرى ضَوْءًَا من نُورَ المَلائِكَةِ. وَيَسْمَعُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّه قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ. ثُمَّ صارَ يَهْجُرُ مَكَّةَ كُلَّ عَامٍ لِيَقْضيَ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي غَارِ حِرَاءٍ -وهو مطل على الكعبة-، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَحَنَّثُ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَظَلَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ إِلَى أَنْ جَاءَهُ الْوَحْيُ وَهُوَ فِي إِحْدَى خَلَوَاتِهِ تِلْكَ. قال ﵊:" إِنَّ اللَّهَ اصْطفَى كنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، واصْطفَى قُرَيْشًا مِنْ كنَانَةَ، واصْطفَى مِنْ قُريْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، واصْطفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ".
1 / 191