Qiṣṣat al-ḥaḍāra
قصة الحضارة
Publisher
دار الجيل
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
ثم أقبل من الشمال حمورابي العظيم ملك بابل واستعاد من العيلاميين أوروك وإيسين، وظل ساكنًا ثلاثًا وعشرين سنة غزا بعدها بلاد عيلام، وقبض على ملكها، وبسط حكمه على عمور وأشور النائية، وأنشأ إمبراطورية لم يعهد لها التاريخ من قبل لها مثيلًا في قوتها، وسن لها قانونًا عامًا نظم شئونها. وظل الساميون بعد ذلك الوقت قرونًا كثيرة يحكمون ما بين النهرين حتى قامت دولة الفرس، فلم نعد نسمع بعدئذ شيئا عن السومريين إذ طويت صحفهم القليلة في كتاب التاريخ.
٢ - الحياة الاقتصادية
الزراعة - الصناعة - التجارة - طبقات الناس - العلوم
انقضى عهد السومريين، ولكن حضارتهم لم ُيقض عليها، فقد ظلت سومر وأكد تخرجان صناعًا وشعراء وفنانين وحكماء ورجال دين، وانتقلت حضارة المدن الجنوبية إلى الشمال على طول مجرى نهر الفرات ودجلة حتى وصلت إلى بلاد بابل وأشور، وكانت هي التراث الأول لحضارة بلاد الجزيرة.
وكان أساس هذه الثقافة وتربة الأرض التي أخصبها فيضان النهرين السنوي، وهو الفيضان الناشئ من سقوط الأمطار الشتوية. وكان هذا الفيضان ضارًا ونافعًا، فقد هدا السومريين إلى أن يجروا ماءه جريانًا أمينًا في قنوات للري تخترق البلاد طولًا وعرضًا؛ وقد خلدوا أخطاره الأولى بالقصص التي تتحدث عن فيضان عظيم طغى على الأرض ثم انحسر عنها آخر الأمر ونجا الناس من شره (٢٣). وكان نظام الري المحكم الذي يرجع عهده إلى أربعة آلاف سنة ق. م من أعظم الأعمال الإنشائية في الحضارة السومرية، وما من شك في أنه كان أيضا الأساس الذي قامت عليه. فقد أخرجت الحقول التي عنوا بريها وزرعها محصولات موفورة من الذرة والشعير والقمح والبلح والخضر الكثيرة
2 / 23