Makānat al-imām Abī Ḥanīfa fī al-ḥadīth
مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث
Publisher
مكتب المطبوعات الإسلامية
Edition
الرابعة
Publication Year
١٤١٦ م
Publisher Location
حلب
Genres
مِنَ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ، وَلَكِنَّهُ فِي التَّابِعِينَ ; [أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعْدَهُمْ] بِقِلَّةٍ، لِقِلَّةِ الضَّعْفِ فِي مَتْبُوعِيهِمْ ; إِذْ اكْثَرُهُمْ صَحَابَةٌ عُدُولٌ، وَغَيْرُ الصَّحَابَةِ مِنَ المَتْبُوعِينَ أَكْثَرُهُمْ ثِقَاتٌ، وَلاَ يَكَادُ يُوجَدُ فِي القَرْنِ الأَوَّلِ الذِي انْقَرَضَ فِي الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ ضَعِيفٌ إِلاَّ الوَاحِدَ بَعْدَ الوَاحِدِ ; كَالحَارِثِ الأَعْوَرِ وَالمُخْتَارِ الكَذَّابِ.
فَلَمَّا مَضَى القَرْنُ الأَوَّلُ وَدَخَلَ الثَّانِي كَانَ فِي أَوَائِلِهِ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، الذِينَ ضُعِّفُوا غَالِبًا مِنْ قِبَلِ تَحَمُّلِهِمْ وَضَبْطِهِمْ لِلْحَدِيثِ، فَتَرَاهُمْ يَرْفَعُونَ المَوْقُوفَ وَيُرْسِلُونَ كَثِيرًا، وَلَهُمْ غَلَطٌ ; كَأَبِي هَارُونَ العَبْدِيِّ.
فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ آخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ - وَهُوَ حُدُودُ الخَمْسِينَ وَمِائَةٍ - تَكَلَّمَ فِي التَّوْثِيقِ وَالتَّضْعِيفِ طَائِفَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: " مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ ". وَضَعَّفَ الأَعْمَشُ جَمَاعَةً، وَوَثَّقَ آخَرِينَ، وَنَظَرَ فِي الرِّجَالِ شُعْبَةُ وَكَانَ مُتَثَبِّتًا لاَ يَكَادُ يَرْوِي إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ، [وَكَذَا كَانَ] مَالِكٌ». انتهى.
وقال الإمام العلامة الحافظ عبد القادر القرشي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في " الجواهر المضية في طبقات الحنفية " (١):
«أعلم أَن الإِمَام أَبَا حنيفَة قد قبل قَوْلَهُ فى الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وتلقاه عَنهُ عُلَمَاء هَذَا الفَنِّ وَعمِلُوا بِهِ، كتلقيهم عَن الإِمَام أَحْمد
(١) ١/ ٣٠ و٣١ من طبعة الهند.
1 / 71