126

The Shining Light from the Comprehensive Sermons

الضياء اللامع من الخطب الجوامع

Publisher

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

Genres

لهم ولكن هذا في الواقع استسلام للهوى وضعف في العزيمة، وإلا فلو حكم عقله، وقارن بين مصلحة إعفائها، ومضرة حلقها لهان عليه إعفاؤها، وسهل عليه الأمر، ولعله أن يكون باب خير لنظرائه وأشكاله، فيقتدون به لا سيما إذا كان عنده قدرة على الكلام والإقناع وإذا كان إبقاء اللحية شاقا عليه لما ذكرناه كان أجره عند الله أكبر وأعظم، ولقد كان بعض الناس يظن أن إعفاء اللحية، أو حلقها من الأمور العادية التي يتبع الناس فيها عادة أهل وقتهم، وهذا ظن غير صحيح، ذلك لأن النبي ﷺ أمر بإعفائها، وما أمر به النبي ﷺ فامتثال أمره فيه عبادة، ثم لو فرض أنه عادة، فلنسأل أيما أفضل عادة أمر النبي ﷺ بها، وفعلها بنفسه، وفعلها الأنبياء قبله، وجرى عليها السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين لهم بإحسان أيما أفضل عادة هؤلاء أم عادة قوم يخالفونهم في ذلك؟ وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ أن حلق اللحية حرام، وقال شيخنا عبد الرحمن السعدي في خطبة له: أيها الناس اتقوا الله، وتمسكوا بهدي نبيكم المصطفى، وامتثلوا أوامره، واجتنبوا ما عنه زجر ونهى، فقد أمركم بحف الشوارب، وإعفاء اللحى، وأخبركم أن حلق اللحى وقصها من هدي الكفار والمشركين، ومن تشبه بقوم فهو منهم إلى أن قال: فالله الله عباد الله في لزوم دينكم، ولا تختاروا عليه سواه، فوالله ما في الاقتداء بأهل الشر إلا الخزي والندامة، ولا في الاقتداء بنبيكم ﷺ إلا الصلاح والفلاح والكرامة، وإياكم أن تصبغوها بالسواد، فقد نهى عن ذلك خير العباد هذا كلام شيخنا عبد الرحمن السعدي ﵀، وقال شيخنا عبد العزيز بن باز في جواب له في مجلة الجامعة الإسلامية عن سؤال يقول: ما حكم حلق اللحى أو تقصيرها هل هو مكروه أو محرم؟ فأجاب قد ثبتت الأحاديث الصحيحة عن النبي ﷺ ما يدل على أن ذلك محرم ومنكر فالواجب على كل مسلم تركه والحذر منه، ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من فعل ذلك من المسلمين، فإن الحق أحق بالاتباع، ولو تركه الناس. أهـ. أيها المسلمون إن الاقتداء بالنبي ﷺ وأصحابه هو التقدم الصحيح، وهو القوة الحقيقية، وهو الجمال النافع، وهو الحياة السعيدة والمآل الحميد، فالإنسان الآن قد يكون ساهيا سادرا في حياته، ولكنه سينتبه، ويستيقظ عند مماته، عند مفارقته دنياه وأهله وماله، وسيتمنى حين لا ينفعه التمني أن لو كان متمشيا على هدي النبي ﷺ وأصحابه الكرام وفقني الله وإياكم

1 / 127