The Salafi Creed on the Words of the Lord of Creation and the Refutation of Vile Heretical Falsehoods

Abdullah Al-Judai d. Unknown

The Salafi Creed on the Words of the Lord of Creation and the Refutation of Vile Heretical Falsehoods

العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية

Publisher

دار الإمام مالك

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Publisher Location

دار الصميعي للنشر والتوزيع

Genres

العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية تأليف عبد الله بن يوسف الجديع دار الإمام مالك دار الصميعي للنشر والتوزيع

1 / 1

جميع الحقوق محفوظة الطبعة الثانية ١٤١٦هـ - ١٩٩٥مـ دار الإمام مالك الرياض - هاتف: ٤٢٤٠٢٣٥ ص ب: ٣٢٥٠٣ - الرمز البريدي: ١١٤٣٨ المملكة العربية السعودية دار الصميعى للنشر والتوزيع هاتف وفاكس: ٤٢٦٢٩٤٥ الرياض - السويدى - شارع السويدي العام ص. ب: ٤٩٦٧ - الرمز البريدى ١١٤١٢ المملكة العربية السعودية

1 / 2

بسم الله الرحمن الرحيم

1 / 3

مدخل وفيه أربعة أمور: = مقدمة الطبعة الثانية. = مقدمة الكتاب. = التنبيه على مسائل يحتاج إليها قبل الشروع فى المقصود. = مجمل خطة تأليف الكتاب.

1 / 5

مقدمة الطبعة الثانية إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُهُ ونستعينُه ونستهديه، ونعوذ بالله من شُرور أنفُسِنا وسيَّئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِه اللهُ، فَلَا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِل؛ فلا هاديَ له. وَأشْهَدُ أن لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَه لا شَريكَ لهُ، وأشْهَدُ أن محمَّدًا عبْدُهُ ورَسُولُهُ، ﷺ تَسليمًا كثيرًا. أما بعدُ: فلقد كان في حُسباني قبلَ صُدور الطبعة الأولى من هذا الكتاب أنَّهُ سَيُسَرُّ به أناسٌ، ويستاءُ منه آخرون، وذلكَ ما حَصل. أمَّا السُّرور، فكان لأهلِ السُّنَّةِ، لِمَا وجَدوا فيه من نَصْرِ اعتقادِ السَّلَفِ والأئمَّةِ من أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وإبْطالِ البدَعِ في مسألةِ كلامِ الله التي هي أخطرُ مسائل الخِلافِ في الاعتقادِ بينَ أهَلِ القبلةِ، ولِما رأوْا فيه من الاجتهاد في جمع الأدلَّة وتحريرِها وشرحِها وبيانِها، ودَحْضِ الشُّبَةِ وأباطيلِ المبتدِعَةِ، مِمَّا توالَت بسبَبهِ من بعدُ إشاراتُ عديدٍ من أهلِ العلمِ والفَضْلِ عليَّ بالكتابةِ على لهذا النَّحو في سائر مسائل الاعتقادِ، خاصَّةً

1 / 7

المسائل الكبار، كمسألة إثبات العلوَّ، والرُّؤْيةِ، والقَدَر، وشِبهِها، ولَقِيَ الكتابُ في أنفُسِهم قَبولًا، فعوَّلوا عليه، وأشاروا به. وهذا كُلُّه من فضلِ الله تعالى ومَنَّهِ، فله الحمدُ وحدَه، وهو المسؤولُ أن يُوفِّقَ للسَّدادِ والصَّواب في الاعتقاد والقولِ والعمل. وأمَّا الاستياءُ؛ فكان من أهلِ البِدْعةِ، فضاقَت صُدورُهم به ذَرْعًا، وليسَ بضارَّني أن ينقِمَ عَلَىَّ مُبْتَدعٌ، فَذلكً سَبيلُهم، ولكن حَسبي من ذلكَ نَصرُ الشَّريعةِ والسُّنَّة. أمَّا هؤلاءِ، فأذَكِّرُهم بالله تعالى، وأقولُ: اتَّقوا اللهَ، وراجِعوا اعتقاداتِكُم، وصَوَّبوها بالأدلَّةِ والبَرَاهين لا بالتَّقليد، وتابعوا السَّلَفَ تَسْلَموا وتَغنَموا، ولا تغَرَّنَّكم جَلالةُ مُتَّبَعٍ فَتتَّبِعوهُ في الخطإِ، فَإنَّكم بذلكَ تُزْرونَ بالسَّلَفِ الذينَ هم أولي بالاتِّباعِ منهُ، وتُزْرونَ بأعيانِ الأئمَّةِ، كالأربعةِ السّادَةِ الفقهاءِ وغيرِهم، وإنِ ارتضَيْتُم مذاهبَهم في الفروعِ، فحريٌّ بكم ارتضاؤها في الأصولِ، وان كُنتم رأيتُم من صَنيعي هَدْمَ ما تربيتُم عليهِ سنين، فلأن تعودوا للصَّواب خيرٌ من تَماديكُم في الباطل وإقامَتِكم عليه، وتَدارُكُ أنفُسِكم بتقويمِ اعتقَاداتِكم وسلوكِ جادَّة السَّلَفِ خيرٌ لكم من أن تَلْقَوا رَبَّكم تعالى بانحرافِ العَقيدةِ. ثُمَّ بَعدُ، فإنْ كانَ لكم علمٌ، فقولوهُ، وإلا، فالصَّمتُ خيرٌ لكم، واعلَموا أنَّ صَدْري يتَّسعُ لخلافِكم، فاكتبوا لي وناقِشوا وناظِروا، والله يهدي من يشاءُ إلى صراطٍ مُستقيم. وهناك طَرَفٌ ثالثٌ أشرتُ إليه في مقدِّمة الكتاب الأولى، تُهمُّهم مَصائبُ المسلمينَ في المَعاش وأسباب الحياة، ويَغْفُلَونَ عن مصائبهم

1 / 8

بسَبَب جهلِهم بدينهم، وأنا مع هؤلاءِ في ضَرورةِ الاهتمام لأمرِ المسلمينَ، والاشَتغالُ في ذلك من أعظَم القُرَبِ، واسمُ الإِسلامِ وحدَهُ كافٍ في وجوب نُصرةِ من تَسمَّى بهِ، وبه يثبُتُ له الوَلاءُ العامُّ، فإنَّ الإِنسانَ اليومَ يُحارَبُ لمجرَّدِ انتمائِهِ إلَى هذا الدِّينِ، وعدوُّهُ لا يُبالِي من أيِّ الطَّوائِفِ كانَ، لكنَا حينَ نعتقدُ ذلِكَ لا نُجوِّزُ الاشتغالَ من أجلِ تخليصِهِ من الموتِ بيَدِ عَدوَّهِ الظَّاهر ثُمَّ نَدعُهُ لهواهُ وعدوَّه الباطنِ. وكُلُّ من يُهمُّهُ أمرُ المسلمينَ يُدرِكُ هَلْهَلَةَ وخلخلةَ الصَّفَّ الإِسلامي، ولكنْ ألا نَتساءلُ: لِمَ ذاكَ؟ لنُدْرِكَ أنَّها الأمراضُ في الاعتقاداتِ والسُّلوكِ والعملِ، وإلا، فلأيِّ شيءٍ يقتُلُ المسلمُ أخاهُ؟ إنَّنا نعتقدُ فَرْضًا على أهل الإِسلام الاشتغال بمُداواةِ النُّفوسِ بإصلاحِ العقيدةِ والعملِ والسُّلوكِ، ولا يشغلُهَم واجبٌ عن واجبٍ، فعدوُّ الباطنِ أفتَكُ من عدوَّ الظَّاهر. وكما يَجِبُ أن يجدَ المسلمُ أنصارًا من إخوانه يذبُّونَ عنه ويحمونَهُ يجب أن يجدَ منهم الأخذَ بيدِهِ إلى الصَّراطِ المستقيم، وحمايتِهِ من مُضلاتِ الهَوى وشَهواتِ الغيِّ. ولا يخفى أحدًا ما دخلَ جانبَ العقيدةِ من الأهواءِ، وافترقت الأمَّةُ بسبَبِهِ شِيَعًا وتنازعت، ممَّا سَبَّبَ الفَشَلَ وذَهَابَ الرِّيح والهَزيمةَ، فلا بُدَّ أن يَنفرَ من أهلِ الاسلامِ طائفةٌ تقومُ بالإِصلاحِ لما فَسَدَ وتصحيحِ الانحرافِ، لا بالدَّعاوى الفارغةِ الكاذبةِ، وإنَّما بالعملِ الذي يُرى في النَّاسَ أثرُةُ. ولا أحسَبُ أنَّنا نختلفُ في هذا المبدإ.

1 / 9

وعليهِ، فتناولي لقضيَّةٍ تُعَدُ من أبرزِ مسائل الاعتقادِ وأشدَّها خُطورةً من بابِ الاشتغالِ بأداءِ الواجبِ في تصحيح عقائد المسلمينَ. ومن الناسِ من يقولُ: لا يلزمني معرفةُ العقائدِ المُبْتَدعةِ والاشتغالُ بتعلُّمِها، ويكفيني أن يكونَ اعتقادي هو اعتقادَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ المأثورَ عن السَّلَفِ. فأقولُ: نعم؛ الأمرُ كذلكَ إذا تيقَّنتَ الصَّوابَ من عقيدةِ السَّلَفِ، وأخذتَها عن أهلِها لا عمَّن ينسبونَ إليهم الاعتقاداتِ المُبتَدَعة يلبِسونَ بها على النَّاس، فإن حصَّلْتَ ذلكَ لم يلزمْكَ معرفةُ اعتقادات الطوائف، واللهُ ﵎ إنما كلَّفَكَ باتِّباع ما بعثَ به نبيَّهُ ﷺ من الهُدى ودينِ الحقِّ قبلَ البدَعِ والأهواِءِ، واتِّباعِ سبيلِ المؤمنينَ، وإلا كانَ الأمرُ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]. وكتابي لهذا ليسَ في الردِّ على الطَّوائِف المُبْتَدِعَةِ فَحَسْب، بل الأصلُ في وضعِهِ شَرْحُ اعتقادِ السَّلَف، وقد صدَّرْتُهُ بذكر العقيدة السَّلفيَّة مُبيَّنةً بأيسر عبارةٍ، ببُرهانِها من الكتابِ والسُّنَّةِ وتفسيرِ السَّلفِ، ممَّا يلزمُ أهلَ الإِسلامِ اعتقادُه، ثُمَّ بعدَ ذلِكَ عَرَّجتُ على ذكرِ ما يُضادُّها ويُخالفُها، ممَّا يجدُرُ بكَ أن تَعْلَمَهُ، فإن لم تحرِص عليهِ. فهو لمن يهمُّه من الدُّعاةِ أهل السُّنَّة المشتغلينَ بتصحيح عقائد المسلمينَ، أو لمن جانَبَ الصَّوابَ من أَهلِ البدْعَةِ إقامةً للحجَّة ودَحضًا للباطلِ. ومن هؤلاءِ الناسِ من حدَّثني قائلًا: لقد شَدَّدتَ في كتابِكَ على الأشعريَّةِ خاصَّةً أكثر من غيرِهم!

1 / 10

فقُلتُ: نعم، لعموم البَلوى باعتقادِهم. وربَّما عَدَّى البعضُ ذلكَ التَّشديد إلى الأعيانِ، لكني نبَّهتُ في خاتمة كتابي هذا على أنَّ الحُكمَ على العقائد والطَّوائف لا يلزَمُ منه الحكمُ للمعَّينِ من الناسِ ممَّن ينتسبُ إليها. وأنا إنَّما ناقشْتُ العقائدَ لا الأفرادَ، ولذا تجدُ في كتابي هذا إطلاقَ ما أطْلَقَهُ أئمَّةُ السُّنَّة: (من قالَ كذا، فهوكافر)،ولكنَّكَ لن تجدَ حُكمي على قائلٍ مُعيَّنٍ بالكُفر. نعم؛ قد نقلتُ أنَّ من السَّلَفِ مَن كَفَّرَ بعضَ أعيانِ الأفراد، غير أنَّ ذلكَ فيما عَلِموهُ وقامَت لهم به الحُجَّةُ على مَن كفَّروهُ، وإلا، فالأصلُ: أنَّ مَا اختلف فيهِ أهلُ القِبلةِ من العقائد، قد تكونُ العقيدةُ منه لا تُخرِجُ عن أهلِ السُّنَّةِ فحسْب، بل تُخرِجُ من الإِسلامِ كُلِّهِ، غير أنَّ هذا الحكمَ على العقيدةِ لا على عَيْنِ معتقِدِها، لجوازِ أن يكونَ معذورًا. ومِن أبطلِ الباطلِ وأظلمِ الظلمِ تنزيلُ النُّصوصِ العامَّةِ في التَّكفير وشِبهِهِ على الأعيانِ من المسلمينَ لمُواقَعَتِهم لذلكَ، خاصَّةً في هذا الزَّمَانِ لغَلَبَةِ الجَهْلِ، قبلَ أن تقومَ عليهِ الحُجَّةُ الشُّرْعِيَّةُ ممَّن هو أهلٌ لإقامَتِها، لا من الصبيانِ في العِلمِ وأتباعِ الخوارج، وتكون الحُجَّةُ قد بلغَت وفَهِمَها المُبَلَّغُ، في تفصيلٍ ليسَ لهذا موضعُهُ. والمرادُ أنَّ ما تناولتُ به أهلَ البدَعِ إنَّما هو الاعتقاداتُ والأقوالُ، معَ أنِّي أرى الوَصْفَ بالبدعةِ لمُواقِعِها ليسَ من بابِ (الحكمِ للمعَّين بالكُفر) لتعدّي الحُكم بالكُفر إلى الباطِن، بخِلافِ البِدْعَةِ؛ فإنَّها حكمٌ على

1 / 11

الظاهرِ من الأقوالِ والأفعالِ، والكلامُ في ذُلكَ كالكلامِ في تعديلِ الشُّهود وتفسِيقِهم، فإنَّهُ حكمٌ على الظاهر، والله أعلم. وثَمَّةَ نقدٌ خاصٌّ ورَدني عن بعض العُلَماء والفُضلاءِ، أذكرهُ مُجيبًا عنه في نقاطٍ ثَلَاثٍ: * الأولى: ما ذكَرتُهُ هامشًا (ص٢٦٨ الطبعة الأولى) من إنكارِ قولِ من قالَ: "لأبي الحَسن الأشعري تحولان"، وتقريرِ أنَّهُ تحوَّلَ عن الاعتزالِ إلى اعتقادِ ابنِ كُلاّبٍ، وثَبَتَ على اعتقادِ ابنِ كُلاّبٍ، يحسَبُهُ اعتقادَ الإِمام أحمد بن حنبل، فأشارَ بعضُ الفُضلاءِ ممَّن يُصحِّحونَ ذلكَ عنه بمُراجعة ذلكَ أكثر. فأقولُ لكم أيُّها الأحبَّة: لقد بَحَثْتُ وَفتَّشْتُ فلم أجدْ في الحقيقة إلا ما يؤكِّدُ ما ذكرتُهُ، وما زادَني البحثُ إلا يقينًا بصحَّةِ ذلكَ، بل جعلَ عندي مَيلًا لإِفرادِهِ وعقائِدِهِ من كُتُبِهِ وكلام العارفين به بالتصنيفِ لإِطلاعكم على حقيقةِ أمرهِ في عموم مسائل الاعتقادِ. * الثانية: ما ذكَرْتُهُ (ص: ١٥٧، ١٥٨ الطبعة الأولى) في إثباتِ صفةِ السُّكوتِ، على معنى أنَّ الله تعالى يتكلَّم إذا شاءَ، والكلامُ متعلِّقٌ بمشيئتِهِ واختيارِهِ، ويسكتُ إذا شاءَ، وأوردتُ لذلكَ ما وردت بهِ السُّنَّةُ والأثرُ، وختمتُهُ بالنَّصِّ التالي: قال شيخ الإِسلام: "فثبتَ بالسُّنَّة والإِجماع أنَّ الله يوصَفُ بالسُّكوتِ" (مجموع الفتاوى ٦/ ١٧٩). والمأخذُ في هذا من جهاتٍ ثلاثٍ: ١) إثبات صفة السُّكوت، وأنَّ النصوصَ عليها غيرُ كافية.

1 / 12

هذا أورَده بعضُ الفُضلاء. وجوابه: إنْ كَانَ هذا الفاضلُ يعني أنَّهُ خبرُ آحاد، فهذا واسعٌ في هذه القضيَّة، وخبرُ الواحد المحتفّ بالقرائن يُفيدُ العلمَ، وأرى أنَّ القرائنَ قد أكًدتْهُ فيما ذكرتُ وأشرتُ إليه في موضعه. وإن وقع في نَفْسِهِ من جهة المعنى في إثباتِها؛ فهو من نفسِهِ أُتيَ، وإلا؛ فإنَّا نفهمُ أنَّ من تكلَّم باختياره ومشيئتهِ سكتَ باختيارِهِ ومشيئتهِ، وما دامَ اعتقادُنا هو تعلُّقُ الكلامِ بمشيئتِهِ ﷿؛ فقد زالَ المَحذورُ. وقد ثبتَ عندنا الحديثُ به، فنُثْبتُهُ له تعالى كما نُثبِتُ له سائرَ صفاتِهِ، وأنَّهُ لا مِثْلَ له فيها، وقد ذكرتُ سلَفَي في إثباتِها، وما ائتمَمْتُ فيهِ بإمامٍ فليسَ عليَّ فيه من حَرَجٍ، ما دامت الحُجَّهُ من النَّصِّ قد قامَتْ عليه. ٢) حول النَّصِّ الذي أوردته عن شيخ الإِسلام قال أحدُ الفُضلاءِ عنِّي: "دلَّس فيه، وهذه خِيانةٌ علميةٌ، فإِنَّهُ أفهمَ أنَّ شيخ الإِسلام هو ابن تيمية، وهذه العبارة ليست من كلام ابن تيمية، إنما نَقَلَها ابنُ تيمية عن شيخ الإِسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهَرَوي). فأقولُ: ليسَ الأمرُ على ما توهَّمهُ الشَّيخُ الفاضلُ، فإنِّي أعني ابنَ تيميَّة حقيقةً، لم أدلِّس اللَّقبَ، وقد ذكرتُ في مقدِّمة كتابي أنِّي إذا ذكرتُ (شيخ الإِسلام). فإنِّما أعني ابنَ تيمية، وهذا النصُّ الذي ذكرتُ هو له لا لشيخِ الإِسلامِ الأنصاري، نعم؛ قد وردَ كلامُ ابن تيميةَ عقبَ كلام الأنصاري، إلا أنَّهُ مفصولٌ عنه، وبيانُ ذلك كما يأتي:

1 / 13

وردَ هذا النَّصُّ عقبَ النقلِ عن أبي إسماعيل الهَرَوي بعضَ النُّصوصِ في مسألةِ القرآن، وما وقع من الإِمام أبي بكر بن خُزيمةَ فيها مع بعض الأعيانِ، فأوردَ (مجموع الفتاوى ٦/ ١٧٧) قال: "وقال شيخ الإِسلام أبو إسماعيل ... "، ونقل من كتابه في اعتقاد أهل السُّنَّة، ثمَّ قال: "وقال شيخ الإِسلام أيضًا في كتاب مناقب الإِمام أحمد ... "، ثم قال: "إلى أن قال: ثم جاءت طائفة ... "، إلى أن قال: "قال شيخ الإِسلام: فطارَ لتلكَ الفتنة ذاكَ الإِمامُ أبو بكرٍ، فلم يزل يصيحُ بتشويهِها، ويُصنِّفُ في رَدِّها، كأنَّهُ مُنذِرُ جيشٍ، حتى دَوَّنَ في الدَّفاتر، وتمكَّنَ في السَّرائر، ولقَّنَ في الكَتاتيب، ونقَشَ في المحاريب: إنَّ اللهَ مُتكلِّمٌ، إن شاءَ تكلَّمَ، وإن شاءَ سَكَتَ، فجزى اللهُ ذاكَ الإِمامَ وأولئكَ النَّفَرَ الغرَّ عن نُصرةِ دينِهِ وتوقير نبيِّهِ خيرًا. قُلتُ: في حديث سلمان عن النَّبي ﷺ: "الحلال ما أحلَّ اللهُ في كتابِهِ ... "". ثمَّ أخذَ في ذكر الأدلَّة المُثبِتة للسّكوت، ثمَّ ذكر عقب ذلك النَّصَّ الذي ذكرتُ، ثمَّ أخذَ في تفسيرِ السُّكوتِ، حتى قال (ص: ١٨٠): "ثم من تفلسف منهم كالغزالي في مشكاة الأنوار ... " الخ. فهذا فيه: ١ - تمييزُ ابن تيمية كلامَ الهَرَويّ في كلِّ فقرةٍ ينقلها بإضافتِها إليه صراحةً. ٢ - الفَصْلُ بينَ كلامهِ وكلامِ الهَرَويّ بقوله: (قلتُ)، وهذه اللفظة

1 / 14

ظاهرة من غير تكلُّف أنَّها له لا للهروي، ومن زعم أنَّها للهروي؛ فهي دعوى بخلاف الظاهر. ٣ - مَجيءُ ما بعد (قلتُ) على أسلوب ابن تيمية الذي يعرفُهُ كُلُّ مَن خبرَ كلامَه، مع بُعدٍ شديدٍ عن مُشابهة سياقة ما أورد ابنُ تيمية من كلام الهَرَويّ. ٤ - ذِكْرُ أبي حامد الغَزالي وكتابه، وهذا لا يتهيَّأ عادةً أن يكونَ للهَرَويّ، لمن تأمَّلَ ترجمةَ كُلٍّ منهما، ومتى مات الهرويُّ، ومتى ابتدأ اشتهار الغَزالي وشُروعه في التَّصنيف. وفي هذا كفايةٌ، وليحذر الشَّيخ الفاضلُ من العجَلة في الحكم. ٣) زعم فاضلٌ آخر أنِّي لم أتمَّ نقلَ كلام شيخ الإِسلام في هذه القضيَّة. وفي هذا إيهام من هذا الفاضل أنِّي كتمتُ من قولِهِ شيئًا له ضَرورةٌ في السِّياق، وليسَت الحقيقةُ كذلكَ، فإنَّ ابن تيميةَ أوردَ حَديثَي سلمان وأبي ثعلبةَ في إثباتِ صفةِ السّكوت، وأشارَ إلى كلام الفُقَهاء في دَلالة المنطوق والمسكوت، ثم قالَ العبارةَ التي ذكرتُها عنه، ثُمَّ قال: "لكن السكوتَ يكونُ تارةً عن التَّكلُّم، وتارةً عن إظهار الكلام"، ثمَّ وجَّه ذلكَ مستدلًا لمعنى السُّكوتِ لا في صفة الله تعالى، بل في عموم الكلام، ثمَّ ذكرَ أنَّ كِلا المعنيين للسكوتِ لا يصحّان على قولِ من لا يعتقد بتعلُّق كلامِهِ تعالى بمشيئته واختياره. وجميع هذا لا يَعنينا؛ لأنَّه ليس في صَدَدِ إثباتِ السُّكوتِ كصفةٍ،

1 / 15

فقد فرغَ من ذلكَ بما ذكرتُهُ عنه، وإنَّما كانَ في صَدَدِ مناقَشَةِ قولِ من لا يرى تعلُّقَ كلامِهِ تعالى بمشيئتهِ واختيارِهِ، و"الفتاوى" في متناول الجميع، فليُراجعها من شاءَ. * الثالثة: بلغني عن شيخٍ فاضلٍ آخر دعواه أنِّي أنقلُ من كلام الإِمام ابنِ القيِّم ﵀ في كتابي هذا ولا أسمِّيه موهِمًا أنَّ ذلك من كلامي. وأقول: هذه دعوى جائرةٌ، فأنا في هذا الكتاب لم يكن من مَراجعي كتُب ابن القيم إلا قليلًا، مُعْتَمِدًا على نقلِهِ عن بعضِ العُلماء، وقد عزوتُ ذلكَ في هامشِ كتابي، وسمَّيتُ مَصدرِي. وأنا يعلمُ اللهُ لم أعمدْ في شيءٍ من كُتبي أوتحقيقاتي إلى نقلِ كلامِ أحدٍ من أهلِ العلمِ ولا أسمِّيهِ، ولكن لكثرةِ ما أقرأ لبعضِ الأئمَّةِ كشيخ الإِسلام ابن تيميَّة مَثلًا فإنَّ بعضَ عباراتِهِم رُبَّما علقت في ذهني، ولا أستحضرُ حالَ الكتابةِ أنَّها لفُلانٍ، سواء كان معيّنًا أو مُبهَمًا، فتدخل ضمنَ سِياقَتي، وهذا أمرٌ واسعٌ في كِتابَةِ العِلْمِ، وما من إمامٍ من أئمَّتِنا ممَّن نأتَسي ونَقتَدي بهم إلا وله مثلُ ذلكَ كثيرٌ، وهذا لا يَعودُ بالتُّهمةِ عليهم، وما هو بعَيْبٍ، ويكذبُ في العلمِ من ادَّعى أنَّ مِثلَ ذلكَ لا يقعُ له إذا اشتغلَ بالتَّصنيفِ. هذا في الألفاظ. أمَّا المَعاني؛ فنحنُ لا نكادُ نتكلَّمُ بِشَيْءٍ لم نُسْبَق إليهِ، ولكنَّا نجتهدُ في إنشائِهِ.

1 / 16

وإنَّما الخيانةُ في العلمِ أن يُنْقَلَ الكلامُ البيِّنُ الفَصْل والذي لم يدخُلْهُ إنشاءُ الكاتِبِ من غيرِ عزْوٍ إلى قائلهِ. وإنِّي ليَحزُنُني كثيرًا أن أجدَ شُيوعَ ذلكَ عندَ كثيرٍ من الكُتَّابِ والمؤلِّفينَ سابقًا ولاحقًا. وقابَلَ هؤلاءِ -وللأسفِ- طائفةٌ حملتْهم في الغالبِ خُصوماتٌ خاصَّةٌ على تتبُّعِ عَوراتِ خُصومِهم من الكُتَّاب، فأفحَشوا حتَّى عَدُّوا النَّقْلَ المَعْزُوَّ إذا كَثُرَ سَرِقَةً، وهذا ظُلْمٌ وإجحافٌ؛ فإنَّ عزْوَ الكلامِ إلى قائله يُبَرِّىءُ النِّيَّةَ ولا يلبسُ على القارىءِ. هذا جملةُ ما بلغني من صوَرِ النَّقدِ لكتابي، وقد عَلمتَ ما فيها، ولله الحمدُ والمِنَّةُ. وهذه هي الطبعةُ الجَديدةُ له، وهي الثانية، بعد أن نَفِدَت نُسَخُ طبعته الأولي، وكَثُرَ الإِلحاحُ على طلبِهِ، وقد أصلحتُ فيها بعض خلَل الإِنشاءِ في مواضعَ يسيرةٍ وقعتْ في نشرِتهِ السابقة، سِوى المقدِّمة؛ فقد أصلحتُ فيها بعضَ السِّياقةِ، وزِدتُ يَسيرًا بما يُحقِّقُ المقصودَ ويُسدِّدُ القَوْلَ. وحريٌّ بالتَّنبيه أنِّي لا آذنُ بشر كتابي هذا لصالح أيِّ جهةٍ؛ إلا بإذنٍ مكتوبٍ صريح مِنِّي، ولم يصدُر من قبلُ بإذني إلا طبعةٌ واحدةً، على ظهر غلافِها عبارة (طبع في مطابع دار السياسة - الكويت). وقد طلبَ منِّي الإِذنَ بتصويرهِ بعضُ الإِخوة السَّلفيينَ بمصر والإِسكندرية بواسطة أحد الأصحاب، فذكرتُ أنَّنا بصَدَدِ إعادةِ نشرِهِ نشرةً

1 / 17

جديدةً، فلا يعجل الإِخوةُ بذلكَ، ففوجئتُ من بعدُ من قِبَلِ هذا الصاحبِ أنَّهم قد صوَّروا الكتابَ وباعوه بسعرِ التَّكلفةِ لحاجتهم الماسَّة إليه، فساءَني ما فعلوا، وما كنتُ أحبُّ منهم ذلكَ، ولكن قَدَّرَ الله وما شاءَ فعلَ، وإنِّي أحرِّجُ عليهم وعلى غيرهم مثل هذا الصَّنيع بغير الشَّرط الذي تقدَّم. وهذه الطبعة الثانية، أسألُ اللهَ تعالى أن يُبارِكَ فيها أكثرَ من سابقَتِها، وأن يكتُبَ لي بذلكَ القَبولَ عندَهُ ووالديَّ وأهلِ بيتِي، هو المُستعان وعليه التُّكلان. بريطانيا - ليدز في ١ محرم الحرام ١٤١٥ هـ الموافق ١١/ ٦/ ١٩٩٤ م وكتب أبو محمد عبد الله بن يوسُف بن عيسى اليعقوب الجُدَيع

1 / 18

مقدمة الكتاب الحمد لله؛ نحمدُهُ ونَسْتَعينُه ونَسْتغْفِرُهُ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنْفُسِنا وسيّئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله؛ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِل؛ فلا هادِيَ له. وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك لَه، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه ﷺ تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعد ... فإنَّ الله ﷿ امتنَّ على عبادِهِ أعظمَ المنَّةِ، فأرسلَ إليهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتِهِ، ويبصِّرُهم بسُبُلِ مَرْضاتِهِ، ويَهديهم بهِ إلى صِراطٍ مُستقيم، ولم يكنْ للعبادِ غُنْيَةٌ عن هذه النِّعمةِ؛ لأنَّهم لولاها لَوُكِلوا إلى عُقولهم وأهوائهم، ولو كانَ ذلكَ كذلكَ؛ لضَلّوا السَّبيلَ، وما أمكنَ أحَدًا من الخَلْقِ أن يَعْلَمَ التَّحريمَ من التَّحليلِ، ولا الغيبَ من الشَّهادَةِ، ولا عُرِفَ ثَوابٌ ولا عِقابٌ، ولا بَعْثٌ ولا حِسابٌ، ولا تَمَيَّز حقٌ من باطل، ولا كُفْرٌ من إيمانٍ، ولا مَن يَعْبُدُ إبليسَ مِمّن يعبُدُ الرَّحمن، فيكونُ خلقُ الخَلْق عَبثًا لا حكمةَ وراءَه، وهذا المعنى يتنزهُ عنهُ الحَكيمُ الخَبيرُ: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ. فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا

1 / 19

هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: ١١٥ - ١١٦]، ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦]، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [ص: ٢٧]. فكان الرسُلُ هم الحكّام على أقْوامِهم بما يُوحى إليهم من الشَّرائع؛ إذْ كانوا هم الوَسائطَ بين الرَّبِّ تعالى وبينَ سائرِ خَلْقهِ، يُبَلِّغون رِسالات ربّهم، ويقوّمون سلوكَ أقوامِهم. فلَمْ يَدَع العليمُ الخَبيرُ تقويمَ السُّلوك لعَقْل الإِنسانِ المجرَّد، وإنَّما جعَلَهُ أداةً يَعْقِلُ بها مُرادَ ربِّه تعالى؛ فهو تَبَعٌ لوَحْي الله وتشريعهِ، ليس له حَقُّ الابتداءِ والإِنشاءِ للأحكام والتَّشريع. وهذا المعنى أدركَه الرُّسلُ وأتباعُهم، فكانوا على الصِّراطِ المُسْتقيم، ورفَضَتْهُ طوائفُ من الخَلْق، فخرَجوا عن طريقةِ الرّسل، وحادُوا عن الحَقّ المُبين. ولقَدْ علَّق ربُّنا تعالى النجاةَ والفلاحَ والفوزَ بطاعةِ الرَّسولِ ﷺ واتّباعِهِ: كما قال: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور:٥١ - ٥٢] وكما قال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩].

1 / 20

وكما قال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [النساء: ١٣ - ١٤]. وكما قال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧١]. وقال النَّبِيُّ ﷺ: "كُلُّ أمَّتي يدخلون الجنَّةَ إلَّا مَنْ أبى". قالوا: يا رسولَ الله! ومَن يأبى؟ قال: "مَن أطاعَني دخلَ الجنَّةَ، وَمَن عَصاني فقَدْ أبى" (١). وقال ﷺ: "إنَّ مَثَلي وَمَثَلَ ما بعَثَنَي الله بهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أتى قَوْمَهُ، فقالَ: يا قَوْم! إنّي رأيتُ الجيشَ بِعَيْنَىَّ، وَإنّي أنا النَّذيرُ العُرْيانُ؛ فالنَّجاءَ! فأطاعَهُ طائفةٌ مِنْ قَوْمِهِ، فأدْلَجوا، فانطَلَقوا على مُهْلَتِهِمْ، وكذّبَتْ طائفةٌ منهم، فأصبحوا مكانَهم، فصبَّحَهم الجَيْشُ، فأهلكَهم واجْتاحَهم؛ فذلك مَثَلُ مَنْ أطَاعَني واتَّبَعَ ما جئتُ بهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصاني وَكَذَّبَ ما جِئْتُ بهِ مِنَ الحقّ" (٢). فهما طريقانِ: اتِّباعُ الرَّسولِ ﷺ وطاعَتُهُ، أو اتِّباعُ الهَوى، وليسَ من

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد ٢/ ٣٦١ والبخاري ١٣/ ٢٤٩ من طريق فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعًا. (٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري ١١/ ٣١٦ و١٣/ ٢٥٠ ومسلم (٢٢٨٣) من طريق أبي أسامة عن بُرَيد عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري عن النبي ﷺ به.

1 / 21

سَبيلٍ إلى ثالثٍ، فمَن لم يتَّبعِ الرَّسولَ ﷺ؛ فلا بُدَّ أنْ يَتَّبعَ الهَوى، وقدْ قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦]. فاتِّباعُ مَحْضِ العُقولِ دونَ ما جاءَ به الرَّسولُ اتِّباعٌ للهَوى، وعُدُولٌ عنِ الصِّراط المُستقيم. قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣]. فالصِّراطُ المستقيمُ واحدٌ، والحَيْدُ عنه يكونُ إلى سُبُلٍ متشعِّبةٍ، ولقَدْ صوَّر ذلكَ النَّبيُّ ﷺ أحسَنَ تصويرٍ بأحْسَنِ عِبَارةٍ؛ فعن عبد الله بن مَسعودٍ ﵁ قال: خَطَّ لَنا رَسولُ اللهِ ﷺ خطًّا، ثُمَّ قالَ: "هذا سبيلُ الله". ثمَّ خَطَّ خُطوطًا عن يَمينهِ وعن شِمالِه، ثمَّ قال: "هذه سُبُلٌ مُتفرِّقةً، على كلِّ سَبيلٍ منها شيطانٌ يَدْعو إليه". ثُمَّ قرأ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (٣).

(٣) حديث صحيح. أخرجه الطيالسي رقم (٢٤٤) وأحمد رقم (٤١٤٢، ٤٤٣٧) والنسائي في "الكبرى"- كما في "تحفة الأشراف" ٧/ ٤٩ - والدارمي رقم (٢٠٨) وابن أبي عاصم في "السنة" رقم (١٧) وابن نصر في "السنة" ص: ٥ والبزار رقم (٢٢١٠ - كشف الأستار) وابن حبان رقم (١٧٤١، ١٧٤٢ - موارد) وابن وضاح في "البدع" ص: ٣١ والحاكم ٢/ ٣١٨ وابن الطبري في "السنة"رقم (٩٢ - ٩٤) والبغوي في "شرح السنة" ١/ ١٩٦ من طرق عن عاصم بن أبي النُّجود عن أبي وائل عن عبد الله به. وقال الحاكم "حديث صحيح الإسناد". قلت: إسناده جيد.

1 / 22