ولو فرضنا اعتباره دليلًا فلنا طريقٌ مسلوكة في الجمع بينه وبين سائر الأدلة، وهي أن نقول بنَفْي الكمال، كما قالوه في "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (^١)، وكما قال بعضهم في: "لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (^٢)، وقال بعضهم في: "لا وضوءَ لمن لم يذكر اسم الله عليه" (^٣)، وقولهم: "لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له، ولا دينَ لمن لا عهدَ له" (^٤)، كما تقدم بيانه. والمطلوب هو موافقة الحق، وسلوكُ المسالك المألوفة بالمدارك المعروفة خيرٌ من ارتكاب الوعور، لاسيما إذا كان غلطًا وشططًا.
وأما القياس، فقياس العكس عند أصحابنا مختلَفٌ في حجيته، وعلى الأصح أنه حجة فقد عرَّفْناكم أن الشافعي نصَّ على عدم شرطية الصيام للاعتكاف، ونصَّ على عدم وجوب الجمع بين الاعتكاف والصلاة على الناذر أنْ يعتكفَ مصلِّيًا، ولم ينصَّ على وجوب الجمع بين الاعتكاف والصيام على الناذر أنْ يعتكفَ صائمًا ولا عدمه، فقاسه بعض الأصحاب على الصلاة فلم يُوجبه، وأكثر الأصحاب على أنه يجب للحديث: "ليس