The Remembrance, Supplication, and Healing Through Ruqyah from the Qur'an and Sunnah - Edited by Yasser Fathy
الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة - ت ياسر فتحي
Publisher
بدون (توزيع الجريسي)
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م
Genres
الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
خرج أحاديثه بإشراف المؤلف
الشيخ ياسر بن فتحي المصري
راجع التخريج
الشيخ فريح بن صالح البهلال
1 / 2
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فلقد خلق الله الجن والإنس للعبادة كما قال ﷾: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (^١). ومن أعظم العبادات الدعاء، فقد قال ﷺ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ" ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ (^٢). (^٣)
_________
(^١) سورة الذاريات، الآيات: ٥٦، ٥٧، ٥٨.
(^٢) سورة غافر، الآية: ٦٠.
(^٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٧١٤). وأبو داود في ٢ - کتاب الصلاة، ٣٥٩ - باب الدعاء (١٤٧٩). والترمذي في ٤٨ - كتاب تفسير القرآن، ٣ - باب: سورة البقرة، (٢٩٦٩)، وفي ٤١ - ب سورة المؤمن، (٣٢٤٧). وفي ٤٩ - ك الدعوات، ١ - ب ما جاء في فضل الدعاء، (٣٣٧٢). والنسائي في الكبري، ٨٢ - ك التفسير، سورة غافر، (١١٤٦٤ - ٦/ ٤٥٠). وابن ماجة في ٣٤ - ك الدعاء، ١ - ب فضل الدعاء، (٣٨٢٨). وابن حبان (١١٤٦٤ - موارد). والحاكم (١/ ٤٩٠ - ٤٩١). وأحمد (٤/ ٢٦٧ و٢٧١ و٢٧٦ و٢٧٦ - ٢٧٧). وابن المبارك في الزهد (١٢٩٨). والطيالسي (٨٠١). وابن أبي شيبة (١٠/ ٢٠٠). وابن جرير الطبري في التفسير (٢٤/ ٧٨ و٧٩). والطبراني في الصغير (١٠٤١). وفي الدعاء (١ - ٧). وأبو نعيم في الحلية (٨/ ١٢٠). والقضاعي في مسند الشهاب (٢٩ و٣٠). والبيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٣٧). وفي الدعوات (٤). والبغوي في التفسير (٤/ ١٠٣). وفي شرح السنة (٥/ ١٨٤ - ١٨٥/ ١٣٨٤).
1 / 3
وقال ﷾: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ (^١)، وقال سبحانه: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ (^٢)، وما من شيء من المخلوقات إلا وقد خضع لله طوعًا وكرهًا، كلٌ يسبح الله تعالى بتسبيح يَعْلَمُه منه ﷾؛ قال الله تعالي: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ (^٣)، وقال تعالي: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ (^٤)، وقال النبي ﷺ: «إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْل أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ» (^٥)، ولقد أسمعَ اللهُ الصحابةَ
_________
= - من طريق ذر بن عبدالله المرهبي عن يسيع بن معدان الحضرمي عن النعمان بن بشير عن النبي ﷺ قال: ... فذكره.
- قال الترمذي: «حسن صحيح» وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ولم يتعقبه الذهبي. وجوَّد إسناده الحافظ في الفتح (١/ ٦٤). وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٤٠٧) وصحيح الترمذي (١/ ١٣٨).
(^١) سورة البقرة، الآية ١٨٦.
(^٢) سورة البقرة، الآية ١٥٢.
(^٣) سورة النور، الآية ٤١.
(^٤) سورة الإسراء، الآية ٤٤.
(^٥) أخرجه مسلم بلفظه في ٤٣ - كتاب الفضائل، ١ - باب: فضل نسب النبي ﷺ، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، (٢٢٧٧ - ٤/ ١٧٨٢). والترمذي في ٥٠ - ك المناقب، ٥ - ب في آيات إثبات نبوة النبي ﷺ ...، (٣٠٠) بنحوه. والدارمي (١/ ٢٥/ ٢٠). وأحمد (٥/ ٨٩ و٩٥ و٥ہ ١٠). وابن أبي شيبة (١١/ ٤٦٤). والطبراني في الكبير (٢/ ١٩٠٧ و١٩٦١ و١٩٩٥ و٢٠٢٨). وفي الصغير (١٦٧). وأبو نعيم في الدلائل (٣٠٠). وفي تاريخ أصبهان (١/ ١٠٨). والبيهقي في الدلائل (١٣/ ٢٨٧). والبغوي في شرح السنة (١٣/ ٢٨٧).
- من طرق عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة به مرفوعًا.
1 / 4
تسبيح الطعام على عهد النبي ﷺ «وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ" (^١).
وقد ألَّف العلماء في الذكر وفضله، والدعاء كتبًا عظيمة ولم يُغفلوا هذا الموضوع بل كتبوا فيه كثيرًا وعلى رأسهم الإمام النووي رحمه الله تعالى، وكتابه عظيم النفع في بابه، وقد قيل فيه: بِعِ الدارَ واشتَرِ الأذكار. ولما اطَّلعت على بعض كتب الأذكار أحببت أن أجمع منها من الأحاديث الصحيحة والحسنة ما تيسر من الأذكار والدعوات، وأعزوها إلى مصادرها الأصلية من كتب السنة، وأضيف إليها ما تيسر لي من الأذكار من كتب الحديث، وأرتِّب أذكارة ودعوات ورقي؛ لتكون مرجعا لي ولمن أراد من القاصرين مثلي.
وقد جمعت في هذا الكتاب الأذكار والدعوات والرقى التي يحتاجها المسلم، ولابد له من المواظبة عليها في مناسباتها التي كان النبي ﷺ يعمل بها فيها وترتيبي على النحو الآتي:
_________
(^١) هو طرف من حديث عبدالله بن مسعود قال: «كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفًا. کنا مع رسول الله ﷺ في سفر فقلَّ الماء، فقال: «اطلبوا فضلة من ماء» فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل فأدخل يده في الإناء ثم قال: «حيَّ على الطَّهور المبارك، والبركة من الله» فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله ﷺ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل». . -
أخرجه البخاري في ٦١ - ك المناقب، ٢٥ - ب علامات النبوة في الإسلام، (٣٥٧٩). والترمذي في ٤٦ - ك المناقب، ١٤ - ب في ذکر تسبيح الطعام ...، (٣٦٣٣). وقال: «حسن صحيح». النسائي في ١ - ك الطهارة، ٦١ - ب الوضوء من الإناء، (١/ ٦٠ / ٧٧). والدارمي (١/ ٢٨ / ٢٩). وابن خزيمة (٢٠٤). وأحمد (١/ ٤٦٠). والطحاوي في المشكل (٤/ ٣٣٢). والبيهقي في الدلائل (٤/ ١١٧ و١٢٩ - ١٣٠) و(٦/ ٦٢). وابن أبي شيبة (١١/ ٤٧٤). وأبو نعيم في الدلائل (٣١١ و٣١٢).
1 / 5
الذكر وفضله من الكتاب والسنة، والدعاء الذي يحتاجه المسلم في حياته، بل في يومه وليلته من وقت استيقاظه من النوم في الصباح الباكر إلى نومه من الليلة الأخرى - ما عدا الفرائض والواجبات التي علمت من دين الإسلام بالضرورة - ومن ذلك أذكار الصباح والمساء، والاستيقاظ من النوم، ودخول المنزل والخروج منه، وغير ذلك من الأذكار والدعوات. ثم أتبعت ذلك بشروط الدعاء وموانع الإجابة، وآداب الدعاء وأوقات وحالات وأماكن إجابة الدعوات، وأسباب قبول الدعاء. وذكرت نماذج ممن يستجيب الله دعاءهم ثم بينت اهتمام الأنبياء بالدعاء، وأهمية الدعاء ومكانته في الحياة. ثم جمعت معظم الدعوات التي وردت في كتاب الله ﷿، سواء كانت من دعوات الأنبياء والمرسلين أو من الدعوات التي ذكرها الله تعالى عن الصالحين، ثم جمعت دعوات غير مقيدة بزمن معين من دعوات النبي ﷺ. وأتبعت ذلك كله بأهمية العلاج بالرقى المشروعة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الل ه، ومنها: علاج السحر قبل وقوعه وبعده، وعلاج العين قبل الإصابة وبعدها، مع بيان الأسباب التي تدفع عين الحاسد عن المحسود، بإذن الله تعالى، وعلاج التباس الجني بالإنسي، وعلاج الأمراض النفسية، وعلاج القرحة والجرح، وعلاج: المصيبة، والهم والحزن، والكرب، والقلق، والفزع، والحمى، والغضب، والعلاج بالحبة السوداء، والعسل، وماء زمزم، وعلاج أمراض القلوب، وغير ذلك.
1 / 6
وقد عزوت جميع الأحاديث المذكورة في هذا الكتاب واستفدت كثيرة من تخاريج الشيخ الألباني، والشيخ عبدالقادر الأرناؤوط والشيخ شعيب الأرناؤوط وشيخنا الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، حفظهم الله تعالى وأثابهم، ونفعنا وجميع المسلمين بعلومهم. وقد سميته: «الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة».
وأسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم؛ وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبع أثره إلى يوم الدين.
المؤلف سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في بداية عام ١٤٠٦ ه
1 / 7
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه ومن اهتدى بهداه .. أما بعد:
فقد منَّ الله عليَّ بتأليف كتاب: «الذكر والدعاء والعلاج بالرقي من الكتاب والسنة» ابتدأت فيه في شعبان عام ١٤٠٥ ه وفرغت منه تقريبا في ربيع الأول عام ١٤٠٦ ه وقد خرجت جميع أحاديثه تخريجة مختصرة، وذكرت قول من صحح الحديث أو حسنه ممن له عناية فائقة بعلم الحديث، ثم طبع الكتاب بمكتبة الرشد الطبعة الأولى عام ١٤٠٨ ه، ثم طبع الطبعة الثانية لعام ١٤١٠ ه وقد اختصرت منه قسم الدعاء في كتيب الدعاء» وذلك عام ١٤٠٨ ه، ثم اختصرت منه قسم الذكر في كتيب حصن المسلم» عام ١٤٠٩ ه، ثم اختصرت منه قسم العلاج بالرقي في كتيب «العلاج بالرقى» عام ١٤١٤ ه، ثم اختصرت من قسم الدعاء: آداب الدعاء في كتيب «شروط الدعاء وموانع الإجابة» عام ١٤١٦ ه؛ ولما للأصل من أهمية رأيت أن أخرجه في طبعة ثالثة مطابقة على أصولها من كتب السنة، فكلفت بذلك صاحب الفضيلة الشيخ ياسر بن فتحي أبا عمرو المصري وذلك عام ١٤١٦ ه تقريبًا على أن يطابق الأحاديث على أصولها ويضيف في التخريج: اسم الكتاب، والباب، ورقم الحديث فقط، ولكنه تجاوز ذلك فذكر في التخريج: الشواهد، والمتابعات وتعدد
1 / 8
الطرق، والزيادات في بعض الروايات، بشكل توسع فيه توسعًا كبيرًا، فأجاد وأفاد، وكان يدفع إلى الكتاب على أجزاء متفرقة، لمراجعته والإشراف على ما أتمه ثم تسليمه للصف، وقد كان آخر عمله في أجزاء الكتاب يوم الخميس الموافق ١/ ٣/ ١٤٢٢ ه، حيث سلمني آخر ما خرَّج من الكتاب، فجزاه الله خيرًا، وضاعف مثوبته، وشكر سعيه، وبارك في حياته؛ فإنه تعالى خير مسؤول وأكرم مأمول.
وقد علقت على بعض التخريج وميزت تعليقي بأن جعلته بين معقوفين، ثم كتبت لفظة «المؤلف» في آخره. ثم طلبت من صاحب الفضيلة الشيخ فريح بن صالح البهلال مراجعة التخريج؛ لما له من الخبرة الطويلة في هذا العلم؛ وقد كان شيخنا الإمام ابن باز ﵀ يكلفه ببعض البحوث وتخريجها فيجيد ويفيد، ويشكره شيخنا على ذلك. فوافق الشيخ البهلال على مراجعة التخريج فأجاد وأفاد، فجزاه الله خيرًا، وأعظم مثوبته ورفع درجاته. وقد كتب لي وجهة نظره في تخريج الكتاب، وأنا أثبت ما كتب؛ لأهميته في حاشية هذه المقدمة. (^١)
_________
(^١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صاحب الفضيلة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني حفظه الله تعالى وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
فقد وصلني كتابكم المسمى: «الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة». والذي تأملون مني مراجعة تخريج الأحاديث التي أوردتموها فيه، وإخبارکم برأي حول هذا التخريج. فأقول: قرأت جل التخريج، وخصوصًا ما حكم عليه المُخَرِّجُ بالضعف أو الشذوذ أو النكارة. =
1 / 9
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= وتبين لي - والحق يقال - أن المخرج متضلع بعلم الحديث، وعلله، ومصطلحه، إلا أنه يغلب عليه جانب الحكم على الحديث بالضعف، فتراه كثيرًا ما يضعف ما حسنه الإمام الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والضياء المقدسي والحاكم وغيرهم. وإذا اختلف الحديث وصلًا وإرسالًا، جعل الإرسال علة مطلقة، ثم حكم على الحديث بالضعف أو الشذوذ ونحو ذلك.
وهذا خلاف ما عليه المحققون. قال الخليلي في الإرشاد (١/ ١٦٠): «فأما الحديث الصحيح المعلول، فالعلة تقع للأحاديث من أنحاء شتى، لايمكن حصرها فمنها: أن يروي الثقات حديثًا مرسلًا، وينفرد به ثقة مسندًا. فالمسند صحيح، وحجة، ولا تضره علة الإرسال ... إلخ». والإمام البخاري لا يعل الحديث بمجرد الاختلاف، بل يعتمد على القرائن، والاحتمال الراجح. قاله الحافظ في هدي الساري، انظر: ص ٣٤٧، ٣٥٦، ٣٦٤، ٣٦٧، ٣٦٩، ٣٧٢، ٣٧٤، ٣٧٩، ٣٨١.
وهو الذي رجحه الإمام أبو بكر الخطيب في الكفاية ص ٤١٧، والعراقي في شرح الألفية (١/ ١٧٩)، والحاكم أبو عبد الله في المستدرك (١/ ١٧٢)، والشوكاني في الدراري المضيئة (٢/ ٢٢)، والنووي في شرح مسلم (٥/ ٩٥) وغيرهم.
ثم إن المخرج حفظه الله يحكم على زيادة الثقة بالشذوذ. وفيه نظر؛ فقد قال ابن القيم في إعلام الموقعين (٣/ ٤٦): «قال الشافعي: ليس الشاذ أن ينفرد الثقة عن الناس بحديث، وإنما الشاذ أن يخالف ما رواه الثقات».
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (٣/ ٢٤٨) رقم ٢٢٦٨: «والزيادة من الثقة مقبولة».
وقال الألباني في إرواء الغليل (٤/ ٦٩): «وزيادة الثقة مقبولة».
وقال أبو بكر الخطيب في الكفاية ص ٤١٣: «أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: أنا محمد ابن نعيم الضبي، قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول: سمعت محمد بن هارون المكي يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري، وسئل عن حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي ﷺ، قال: «لا نکاح إلا بولي»؟ فقال: الزيادة من الثقة مقبولة. وإسرائيل بن يونس ثقة وإن كان شعبة والثوري إرسلاه، فإن ذلك لا يضر الحديث». ا ه. وعزا هذا القول للإمام الدارقطني محقق علل الترمذي الكبري (١/ ٣٦٧).
وقال أحمد شاكر في حاشيته على سنن الترمذي (١/ ٢٥٠): «ولكن القاعدة الصحيحة أن الرفع إذا كان من ثقة، فإنه زيادة مقبولة، ولا يعلل المرفوع بالموقوف إلا أن يكون الرفع ممن لا تقبل زيادته».
هذا من حيث العموم، وأما التفصيل، فإن المخرج قال في ص (٣٠) الحديث رقم (٩) في بشير بن المهاجر الغنوي بعد أن ساق أقوال أئمة الجرح والتعديل: «وتفرد مثل هذا يعد منکرًا». مع أن حديثه صححه الحاكم والبوصيري والهيثمي، وقال ابن كثير: وهذا إسناد حسن على شرط =
1 / 10
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= مسلم». والرجل روي له مسلم في الصحيح ووثقه العجلي ويحيى بن معين وغيره وقال النسائي ليس به بأس وابن معين والنسائي من المتشددين في الجرح، فإذا وثق المتشدد أحدًا فعض عليه بالنواجذ.
وجاء في ص (٦١) الحديث رقم (٣٦): «صحيح دون قوله: «بيمينه»، فإنه شاذ»، مع إنها زيادة من ثقة وهو محمد بن قدامة. وتقدم أن زيادة الثقة مقبولة آنفًا.
وجاء في ص (١٨٤) الحديث رقم (١٠١): وحديث عائشة صححه الألباني ... إلخ، والصواب: أنه ضعيف؛ لظهور علته.
وجاء في ص (٣٢٣) الحديث رقم (١٦٧) قول المخرج: «منکر» مع أن رجاله ثقات. وصححه ابن حبان والحاكم.
وجاء في ص (٤١٤) الحديث رقم (٢٠٦) قول المخرج: «وبقية مشهور بتدليس التسوية، ولم يصرح بالتحديث في جميع طبقات السند». أقول: قد صرح بالتحديث عند أحمد.
وجاء في ص (٤٦٦) الحديث رقم (٢٢٨) قول المخرج: «فجملة القول في حديث ابن عمر أنه موقوف ولا يصح رفعه بحال»، وهذا القول فيه نظر، فلا مانع من صحة رفعه؛ لكثرة شواهده، كما عند الحاكم وغيره.
وجاء في ص (٤٦٦) الحديث رقم (٢٨) قول المخرج: «ضعيف» معللًا ذلك بتفرد عبدالله بن بحير به. وعبدالله بن بحير قال فيه هشام بن يوسف: «يتقن ما سمع» وقال ابن معين: «ثقة». وعلى هذا فلو ضعفنا ما ينفرد به الثقة لنسفنا أحديث الآحاد.
وجاء في ص (٦٠٠) الحديث رقم (٢٧٩) قول المخرج: ضعيف؛ لتفرد قرة بن عبدالرحمن عن الزهري به. وفي تفرده عن الزهري نكارة ظاهرة». قلت: الحديث صحيح كما قال الألباني؛ لكثرة طرقه الصحيحة والحسنة كما ذكرها المخرج.
وجاء في ص (٦٥٩) الحديث رقم (٣٠٦) حديث: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ... إلخ. ثم ساق المخرج رواية شعبة: «من قرأ العشر الأواخر من الكهف ... إلخ» الواردة في صحيح مسلم، ثم قال: إن شعبة اضطرب في إسناده ومتنه». فلم يسلم الصحيح من مثل هؤلاء.
وجاء في ص (٦٦٩) الحديث رقم (٣١٠): الحديث صححه الألباني، وقال المخرج: إنه منقطع. والحق مع الألباني.
وجاء في ص (٩٨٨) الحديث رقم (٤٤٩) قول المخرج: «إسناده غريب، ورجاله ثقات». والأولى أن يقال: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
وجاء في ص (١٠٠١) الحديث رقم (٤٥٩): قول ابن القيم في ساعة الإجابة في يوم الجمعة.
وينبغي أن يضاف إليه قول النووي في الأذكار باب ما يقال في صبيحة يوم الجمعة:
والصحيح، بل الصواب الذي لا يجوز غيره ما ثبت في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري،
عن رسول الله ﷺ، أنها ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن يسلم من الصلاة». ا ه.
1 / 11
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= وجاء في ص (١١٥١) الحديث رقم (٥٩٧) قول المخرج: «غريب» مع أن رجاله ثقات، رجال الصحيح.
وجاء في ص (١١٥٥) الحديث رقم (٥٩٤) قول المخرج: «ضعيف» مع أن السند صحيح.
وجاء في ص (١١٦١) الحديث رقم (٦٠٤) قول المخرج: غريب «مع أن رجاله ثقات، رجال الصحيح.
وجاء في ص (١٢٠٠) الحديث رقم (٦٣٣) قول المخرج: «مرسل حسن الإسناد».
والأولى أنه موصول حسن الإسناد، فقد وصله خلاد بن يحيى ومروان بن معاوية. هذا ما تيسر لي تقييده على وجه السرعة، وذلك لكثرة المعوقات والأشغال مع رجائي المعذرة والمسامحة من فضيلة شيخنا سعيد بن علي بن وهف القحطاني، حفظه الله ووفقه لما يحب ويرضى.
وأما رأيي في الأحاديث التي أمليت على أرقامها هاتفيًا، فإني أرى بقاءها؛ لأنها في فضائل الأعمال. وفضائل الأعمال يتساهل الأئمة في أسانيدها.
قال أبو بكر الخطيب: «باب التشدد في أحاديث الأحكام، والتجوز في فضائل الأعمال»: ثم ساق بسنده عن سفيان الثوري، أنه قال: «لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان، فلا بأس بما سوى ذلك من المشايخ».
وبسنده إلى الإمام أحمد، أنه قال: «إذا روينا عن رسول الله في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد. وإذا روينا عن النبي ﷺ في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكمة، ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد.
وقال الميموني: «سمعت أبا عبدالله يقول: أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حكم».
وبسنده إلى أبي زكريا العنبري، قال: «الخبر إذا ورد لم يحرم حلالًا، ولم يحل حرامًا، ولم يوجب حكمًا، وكان في ترغيب أو ترهيب أو تشديد أو ترخيص وجب الإغماض عنه، والتساهل في روايته». انظر الكفاية ص (١٣٣، ١٣٤)، والكامل لابن عدي (١/ ١٦٠).
وقال الحاكم في المستدرك (١/ ٤٩٠): «وأنا بمشيئة الله أجري الأخبار التي سقطت على الشيخين في كتاب الدعوات على مذهب أبي سعيد عبدالرحمن بن مهدي في قبولها؛ فإني سمعت أبا زکريا يحيى بن محمد العنبري، يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: كان أبي: يحكي عن عبد الرحمن بن مهدي، يقول: «إذا روينا عن النبي ﷺ في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال. وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات تساهلنا في الأسانيد».
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
فريح بن صالح البهلال
حرر في ليلة الجمعة الموافق ١٧/ ٢ / ١٤٢٢ ه
1 / 12
وعلى القارئ حفظه الله أن يلاحظ أثناء قراءته في هذا الكتاب ما يلي:
١ - أن العصمة لمن عصمه الله تعالى، وأن كلًا من الناس يؤخذ من قوله ويرد، إلا نبينا محمد بن عبدالله ﷺ؛ لأنه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» فكل منا راد ومردود عليه إلا هذا النبي الكريم ﷺ.
٢ - ذكر الإمام النووي ﵀ في شرحه على صحيح مسلم (^١):
أن الصواب الذي عليه الفقهاء، والأصوليون، ومحققو المحدثين أنه إذا روي الحديث مرفوعًا وموقوفًا، أو موصولًا ومرسلًا، حُكِمَ له بالرفع والوصل [إذا كان الرافع أو الواصل ثقة]؛ لأنها زيادة ثقة، وسواء كان الرافع أكثر أو أقل في الحفظ والعدد، والله أعلم.
وقال العراقي ﵀ في ألفية الحديث (^٢):
وأقبل زيادات الثقات منهمُ ... ومن سواهم فعليه المعظم
وقال ﵀ في تعارض الوصل والإرسال، والرفع والوقف (^٣):
وأحكم لوصل ثقةٍ في الأظهر ... وقيل: بل إرساله للأكثر
وقال الحافظ ابن حجر ﵀ في نخبة الفكر بعد ذكره للحديث الصحيح والحسن (^٤): «وزيادة راويهما مقبولة ما لم تقع منافية
_________
(^١) (٢/ ٢٧٥) و(٦/ ٣٩٠).
(^٢) ص (٢٩).
(^٣) ص (٢٥).
(^٤) ص (٩٥).
1 / 13
لمن هو أوثق فإن خُولِفَ بأرجح فالراجح المحفوظُ ومُقَابِلُهُ الشاذ، ومع الضعف فالراجح المعروف ومقابله المنکرُ».
وسمعت شيخنا الإِمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز ﵀ يقول أثناء تقريره على نخبة الفكر لابن حجر ص (٣٤): «فإذا روى الثقة حديثا ثم رواه آخر وزاد عليه جملة أمر الله بها أو نهي عنها .. فهي زيادة مقبولة كالحديث المستقل ...، أما إذا نافت الزيادة ما رواه الثقة فهي شاذة».
٣ - قول المخرِّج جزاه الله خيرًا: «لم يتعقبه الذهبي» المقصود به أن الذهبي وافق الحاكم على كلامه ولم يخالفه، وهو الذي اشتهر في قول العلماء: «صححه الحاكم ووافقه الذهبي».
٤ - الحديث الضعيف إذا ذكر فإنما؛ لبيان حاله، لا؛ لأنه من کلام النبي ﷺ، وهذا قليل جدًا في هذه الرسالة ولله الحمد والمنة.
٥ - بعض الأحاديث صحيح المعنى والشواهد تدل على صحته أو صحة معناه، فذكر؛ لهذه الفائدة مع بيان حاله وهذا أيضًا قليل
جدًا، بل نادرة في هذه الرسالة ولله الحمد.
والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب كل من انتهى إليه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، فإنه القادر على ذلك ﷾.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر بعد فجر يوم الجمعة
الموافق ٢/ ٣ / ١٤٢٢ ه
1 / 14
الباب الأول: الأذكار من الكتاب والسنة
1 / 15
الفصل الأول: فضائل الذكر ومجالسة
المبحث الأول: فضائل الذكر من القرآن العظيم
١ - قَالَ الله تعالى: ﴿ولذكر الله أكبر﴾ (^١).
٢ - وقال تعالى: ﴿فاذكروني أذكركم واشكروا لِي وَلَا تكفرون﴾ (^٢).
٣ - وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكوا الله ذكرا كثيرا﴾ (^٣).
٤ - وقال الله تعالى: ﴿والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا﴾ (^٤).
٥ - وقال سبحانه مدحًا لأصحاب العقول السليمة: ﴿الذين الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون فِي خلق السماوات والأرض ربنا مَا خلقت هذا باطلًا سبحانك فقنا عذاب النار﴾ (^٥).
٦ - وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لَا تلهكم أموالكم وَلَا أولادكم عَنْ ذكر الله ومن يفعل ذَلِكَ فأولئك هم الخاسرون﴾ (^٦).
٧ - وقال الله تعالى: ﴿رجال لَا تلهيهم تجارة وَلَا بيع عَنْ ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًأ تتقلب فِيهِ القلوب والأبصار﴾ (^٧).
_________
(^١) سورة العنكبوت، الآية ٤٥.
(^٢) سورة البقرة، الآية ١٥٢.
(^٣) سورة الأحزاب، الآية ٤١.
(^٤) سورة الأحزاب الآية ٣٥.
(^٥) سورة آل عمران، الآية ١٩١.
(^٦) سورة المنافقون، الآية ٩.
(^٧) سورة النور، الآية ٣٧.
1 / 17
٨ - وقال تعالى: ﴿واذكر ربك فِي نفسك تضرعًا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والأصال وَلَا تكن من الغافلين﴾ (^١).
٩ - وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين ءامنوا إِذَا لقيتم فئة فاثتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون﴾ (^٢).
١٠ - وقال تعالى: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أَوْ أشد ذكرًا﴾ (^٣).
١١ - وقال تعالى: ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فِي الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثرًا لعلكم تفلحون﴾ (^٤).
١٢ - وقال تعالى: ﴿فلولا إِنَّهُ كَانَ من المسبحين * للبث فِي بطنه إِلَى يوم يبعثون﴾ (^٥).
١٣ - وقال تعالى: ﴿إن لَكَ فِي النهار سبحًا طويلًا * واذكر اسم ربك وتبتل إِلَيْهِ تبتيلًا﴾ (^٦).
١٤ - وقال تعالى: ﴿واذكر اسم ربك بكرى وأصيلًا * ومن الليل فاسجد لَهُ وسبحه ليلًا طويلًا﴾ (^٧).
١٥ - وقال تعالى: ﴿فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله﴾ (^٨).
_________
(^١) سورة الأعراف، الآية ٢٠٥.
(^٢) سورة الأنفال، الآية ٤٥.
(^٣) سورة البقرة، الآية ٢٠.
(^٤) سروة الجمعة، الآية ١٠.
(^٥) سورة الصافات، الآياتام ١٤٣ و١٤٤.
(^٦) سورة المزمل، الآيتان ٧ و٨.
(^٧) سورة الإنسان، الآيتان ٢٥ و٢٦.
(^٨) سورة الزمر، الآية ٢٢.
1 / 18
المبحث الثاني: فضل الذكر من السنة النبوية
١ - وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ﵄: أنهما شهدا عَلَى النبي ﷺ إِنَّهُ قَالَ: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ ﷿ إِلَاّ حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (^١).
٢ - وعن أبي هريرة ﵁ قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ: «إِنَّ لِلهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرونَ اللهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ ﷿-وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ-: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالَ: تَقُولُ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْني؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا وَاللهِ مَا رَأَوْكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْني؟! قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا
_________
(^١) أخرجه مسلم في ٤٨ - كتاب الذكر والدعاء، ١١ - باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، (٢٧٠٠ - ٤/ ٢٠٧٤). والترمذي بنحوه في ٤٩ - كتاب الدعوات، ٧ - باب: ما جاء في القوم يجلسون فيذكرون الله ما لهم من الفضل، (٣٣٧٨). وقال: «حسن صحيح». وابن ماجه بنحوه في ٣٣ - كتاب الأدب، ٥٣ - باب: فضل الذكر، (٣٧٩١). وأحمد (٢/ ٤٤٧) و(٣/ ٣٣ و٤٩ و٩٢ و٩٤). والطيالسي، (٢٢٣٣ و٢٣٨٦). وعبد الرزاق (١١/ ٢٩٣). وابن أبي شية (١٠/ ٣٠٧ - ٣٠٨). والطبراني في الدعاء (١٨٩٨ - ١٩٠٧). والبيهقي في الشعب (١/ ٣٩٩). وفي الدعوات (٥). والبغوي في شرح السنة (٥/ ١٠).
- من طريق أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد به مرفوعًا.
- وقد رواه أبو معاوية وأبو أسامة وابن نمير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به مرفوعًا ضمن حديث طويل يأتي برقم (١٩) ولفظ الشاهد منه «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم بينهم إلا تزلت عليهم السكينة .. «أخرجه مسلم (٢٦٩٩ - ٤/ ٢٠٧٤). وأبو داود (١٤٥٥). والترمذي (٢٩٤٥). وابن ماجة (٢٢٥). وأحمد (٢/ ٢٥٢).
1 / 19
أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ: يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قَالَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يَقُولُونَ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟! قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةُ. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: مِن النَّار. قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟! قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافةً. قَالَ: فَيَقُولُ: فَاشْهِدُكُمْ إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ» (^١) .
_________
(^١) متفق عليه: أخرجه البخاري بلفظه في ٨٠ - كتاب الدعوات، ٦٦ - باب: فضل ذكر الله ﷿. (٦٤٠٨ - ١١/ ٢١٢). ومسلم في ٤٨ - كتاب الذكر والدعاء، ٨ - باب: فضل مجالس الذكر (٢٦٨٩ - ٤/ ٢٠٧٠)، وأوله: «إن لله ﵎ ملائكة سيارة فضلًا يتبعون مجالس الذكر ... «الحديث بنحوه. والترمذي في ٤٩ - ك الدعوات، ١٣٠ - باب ما جاء إن لله ملائكة سياحين في الأرض (٣٦٠٠)، وأوله: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلًا عن كتاب الناس ... «الحديث بنحوه، وآخره: «فيقولون: إن فيهم فلانًا الخطاء لم يردهم إنما جاءهم لحاجة. فيقول: هم القوم لا يشقى لهم جليس». وقال: «حسن صحيح». والحاكم (١/ ٤٩٥) بنحو رواية مسلم. وأحمد (٢/ ٢٥١ و٢٥٢ و٣٥٨ و٣٥٩ و٣٨٢ و٣٨٣). والبيهقي في الأسماء والصفات (١/ ٣٣١ - ٣٣٢). وفي الدعوات (٧). وفي الشعب (١/ ٣٩٩). والطيالسي (٢٤٣٤). والطبراني في الدعاء (١٨٩٤ - ١٨٩٧). وأبو نعيم في الحلية (٨/ ١١٧).
* غريب الحديث: فُضُلًا: ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم وإنما مقصودهم حلق الذكر. شرح النووي على مسلم (١٧/ ١٣) والنهاية (٣/ ٤٥٥).
* سيَّارة: سياحون في الأرض، من ساح في الأرض إذا هب فيها وسار. شرح النووي (١٧/ ١٣)، تحفة الأحوذي (١٠/ ٤٢)، والنهاية (٢/ ٤٣٢).
1 / 20
٣ - وعن أبي موسى الأشعري ﵁ قَالَ: قَالَ النبي ﷺ «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» (^١) .
٤ - وعن أبي الدرداء ﵁ قَالَ: قَالَ النبي ﷺ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُم، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالَوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ» (^٢) .
_________
(^١) متفق عليه: أخرجه البخاري في ٨٠ - ك الدعوات، ٦٦ - ب فضل ذكر الله ﷿، (٦٤٠٧) بلفظه. ومسلم في ٦ - ك صلات المسافرين، ٢٩ - ب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، (٧٧٩ - ١/ ٣٥٩) بلفظ: «مثل البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يُذكر الله فيه: مثل الحي والميت». وابن حبان (٨٤٢ - الإحسان). والبيهقي في العشب (١/ ٤٠١). وفي الدعوات (٨). والبغوي في شرح السنة (٥/ ١٤). وانظر فتحالباري (١١/ ٢١٤). ونتائج الأفكار (١/ ٦١).
(^٢) أخرجه الترمذي بلفظه في ٤٩ - كتاب الدعوات، ٦ - باب منه، (٣٣٧٧)، وفي آخره قال معاذ بن جبل، «ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله». وابن ماجة في ٣٣ - ك الأدب، ٥٣ - ب فضل الذكر، (٣٧٩٠) بنحوه وفي آخه قول معاذ: «ما عمل امرؤ بعمل أنجى له من عذاب الله ﷿، من ذكر الله». والحاكم (١/ ٤٩٦). وفيه قول معاذ بنحوه. وأحمد (٥/ ١٩٥)، بدون قول معاذ. والطبراني في الدعاء (١٨٧٢). وأبو نعيم في الحلية (٢/ ١١ - ١٢). والبيهقي في الشعب (١/ ٣٩٤). وفي الدعوات (٢٠) وفيه قول معاذ.
- من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن زياد بن أبي ياد مولى ابن عياش عن أبي بحرية عن أبي الدرداء به مرفوعًا.
- قلت: إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
- قال الترمذي: «وقد روى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد مثل هذا بهذا الإسناد، وروى بعضهم عنه فأرسله».
- وقال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ولم يتعقبه الذهبي.
- وقد اختلف في هذا الإسناد على زياد بن أبي زياد. [انظر: الموطأ، ك القرآن، (٢٤). مسند أحمد (٥/ ١٩٥ و٢٣٩) و(٦/ ٤٤٧)]. والصحيح ما أثبته، وانظر أيضًا: علل الحديث لابن أبي حاتم (٢/ ١٨١). وعلل الدارقطني (٦/ ٢١٥). والحديث صحيح.
- وحديث أبي الدرداء صححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٢٦٢٩ وغيره.
- وقول معاذ مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح؛ كما قال الدارقطني: [انظر: المصنف لابن=
1 / 21
٥ - وعن أبي هريرة ﵁ قَالَ: قَالَ النبي ﷺ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَن ِّعَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» (^١).
_________
=أبي شيبة (١٠/ ٣٠٠) و(١٣/ ٤٥٥). والمعجم الكبير (٢٩\ ٠/ ١٦٧/ ٣٥٢). والمعجم الصغير (٢٠٩). والمعجم الأوسط (٢٣١٧). والعلل للدارقطني (٦/ ٦٤). ومجمع الزوائد (١٠/ ٧٣)].
(^١) متفق عليه. ورد من حديث أبي هريرة وأنس وأبي ذر وأبي سعيد الخدري وواثلة بن الأسقع وأبي الدرداء، وغيرهم.
(أ) أما حديث أبي هريرة: فأخرجه بلفظ البخاري في ٩٧ - كتاب التوحيد، ١٥ - باب: قول الله تعالى: ﴿ويحذركم الله نفسه﴾، (٧٤٥ - ١٣/ ٣٩٥).
ومختصرًا في ٣٥ - باب: قول الله تعالى: ﴿يريدون أن يبدلوا كلام الله﴾، (٧٥٠٥ - ١٣/ ٧٤٧). وفي ٥٠ - باب: ذكر النبي ﷺ وروايته عن ربه، (٧٥٣٧ - ١٣/ ٥٢١). ومسلم في ٤٨ - كتاب الذكر والدعاء، ١ - باب: الحث على ذكر الله تعالى، (٢٦٧٥ - ٤/ ٢٠٦١). وفي ٦ - باب: فضل الذكر والدعاء، (٢٦٧٥ - ٤/ ٢٠٦٧). وفي ٤٩ - ك التوبة، ١ - ب في الحض على التوبة، (٢٦٧٥ - ٤/ ٢١٠٢). والترمذي في ٣٧ - كتاب الزهد، ٥١ - ب ما جاء في حسن الظن بالله، (٢٣٨٨) مختصرًا. وفي ٤٩ - كتاب الدعوات، ١٣٢ - باب في حسن الظن بالله ﷿، (٣٦٠٣) وقال: «حسن صحيح». والنسائي في الكبرى، ٧٢ - ك النعوت، (٧٧٣٠ - ٤/ ٤١٢)، وابن ماجة في ٣٣ - كتاب الأدب، ٥٨ - باب: فضل العمل، (٣٨٢٢)، وابن حبان (٢٣٩٤ - موارد). وأحمد في المسند (٢/ ٢٥١ و٣١٥ و٣٩١ و٤٠٥ و٤١٣ و٤٣٥ و٤٤٥ و٤٤٨٠ و٤٨٢ و٥٠٠ و٥٠٩ و٥١٦ و٥٢٤ و٥٣٤). وفي الدعوات (١٧). وفي الأربعون الصغرى (٤٣).
- من طرق كثيرة عن أبي هريرة، بألفاظ متقاربة، مطولًا ومختصرًا، وفي بعضها زيادات.
(ب) وأما حديث أنس.
- فأخرجه البخاري في ٩٧ - كتاب التوحيد، ٥٠ - باب: ذكر النبي ﷺ وروايته عن ربه (٧٥٣٦ - ١٣/ ٥٢١) من قوله: «إذا تقرب العبد إليَّ شبرًا .... «إلى آخره.
- والحاكم (١/ ٤٩٧) بلفظ: «قال الله ﷿: عبدي أنا عند ظنك بي وأنا معك إذا ذكرتني «وإسناده ضعيف، لكنه صحيح بشواهده، وأحمد في المسند (٣/ ١٢٢ و١٢٧ و١٣٠ و١٣٨ =
1 / 22