وظاهر الحديث: أن الهمز نوع غير النفخ والنفث.
وقد يقال ــ وهو الأظهرـ: إن همزات الشياطين إذا أُفردت دخل فيها جميع إصاباتهم لابن آدم، وإذا قُرنت بالنفخ والنفث كانت نوعًا خاصًّا، كنظائر ذلك.
ثم قال: ﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾.
قال ابن زيد: في أموري (^١).
وقال الكلبي: عند تلاوة القرآن (^٢).
وقال عكرمة: عند النزع والسِّياق (^٣).
فأمَره أن يستعيذ من نَوْعَيْ شرِّهم: إصابتهم له بالهمز، وقربهم ودنوّهم منه. فتضمنت الاستعاذة أن لا يمسوه ولا يقربوه، وذكر ذلك سبحانه عقيب قوله: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩٦]، فأمره أن يحترز من شر شياطين الإنس بدفع إساءتهم إليه بالتي هي أحسن، وأن يدفع شر شياطين الجن بالاستعاذة منهم.
ونظير هذا قولُه في الأعراف: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩]، فأمره بدفع شر الجاهلين بالإعراض عنهم، ثم أمره بدفع شر الشيطان (^٤) بالاستعاذة منه؛ فقال: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ