244

al-ẓāhira al-Qurʾāniyya

الظاهرة القرآنية

Editor

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Publisher

دار الفكر

Edition

الرابعة

Publication Year

١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م

Publisher Location

دمشق سورية

Genres

النتائج الموازنة للروايتين
في هاتين الروايتين اللتين فرغنا من عرضهما يمكننا أن نوازن بعض العناصر المتشابهة، بطريقة تبرز لنا الطابع الخاص بالقرآن. ثم إننا نحتاج أن نبحث قضية هذا التشابه بين الكتابين، وهو أمر جد مفيد لموضوعنا.
إن سدى التاريخ واحد تمامًا في كلتا الروايتين، ومع ذلك فإن مجرد التأمل السريع يمكن أن يكشف لنا عن عناصر خاصة تميز كلتيهما على حدة، فرواية القرآن تنغمر باستمرار في مناخ روحاني، نشعر به في مواقف وكلام الشخصيات التي تحرك المشهد القرآني. فهناك قدر كبير من حرارة الروح في كلمات يعقوب ومشاعره في القرآن، فهو نبي أكثر منه أبًا، وتبرز هذه الصفة خصوصًا في طريقته في التعبير عن يأسه عندما علم باختفاء يوسف. كما تتجلى في طريقته في تصوير أمله حين يدفع بنيه إلى أن يتحسسوا من يوسف وأخيه. وامرأة العزيز نفسها تتحدث في رواية القرآن بلغة تليق بضمير إنساني وخزه الندم، وأرغمتها طهارة الضحية ونزاهتها على الاستسلام للحق، فإذا بالخاطئة تعترف في النهاية بغلطتها. وفي السجن يتحدث يوسف بلغة روحية محلقة، سواء مع صاحبيه، أم مع السجان، فهو يتحدت بوصفه نبيًا يؤدي رسالته إلى كل نفس يرجو خلاصها.
وفي مقابل ذلك نجد الرواية الكتابية تبالغ بعض الشيء في وصف الشخصيات المصرية- الوثنية بالطبع- بأوصاف عبرانية، فالسجان يتحدث
بوصفه موحدا (١)، وفي القسم الخاص بتعبير الرؤيا في القصة يرتسم رمز المجاعة في

(١) التوراة الفصل التاسع والثلاثون جملة ٢٤.

1 / 252