209

The Prophetic Biography's Dynamic Approach

المنهج الحركي للسيرة النبوية

Publisher

مكتبة المنار-الأردن

Edition Number

السادسة

Publication Year

١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م

Publisher Location

الزرقاء

Genres

وتؤكد هذه الصورة في عصرنا الحديث يوم أصرت السلطة الطاغية في بعض الأقطار على تسليم بعض قيادات الحركة الإسلامية لها مقابل حضورها مؤتمرا معقودا في الدولة المضيفة. إننا مع الجاهلية في معركة لا خيار فيها، وفي هذه المعركة لا نلتقي مع العدو في منتصف الطريق بل تحدد هدفها في اجتثاث جذور الدعاة واستئصالهم، وحين نفهم عدونا على ضوء هذا المعنى نتعامل معه على بصيرة منه ومن مخططاته. السمة الخامسة التجمع الوثني في المدينة (... فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال رسول الله ﷺ ..). لاحظنا أن الميثاق لم يعط التجمع الوثني بصفته كتلة في المجتمع حق الوجود، إنما سمح بوجوده بصفته أفرادا لا يجبرون على دخول الإسلام. وكان على رأس هذا التجمع عبد الله بن أبي الذي أقسم الأيمان المغلظة لقريش في موسم الحج أن قومه لم يعاهدوا محمدا ولم يعاقدوه، ولا يمكن أن يتم هذا دون علمه وأمره، فعندما بلغه أن الخبر صحيح امتلأ قلبه حقدا على رسول الله ﷺ، ومما زاد الحقد في قلبه اشتعالا هو أن الخزرج والأوس بعد أن هدأت بينهم الثارات اجتمعوا على أن يعقدوا الملك لعبد الله بن أبي وكانوا ينسجون له الخرز ليتوجوه. فأحس عبد الله بن أبي أن عدوه الأول والأكبر هو محمد رسول الله. وتذكر كتب السيرة موقفا له في هذه المرحلة قبل دخوله الإسلام يوم مر عليه رسول الله ﷺ مع ركب من قومه فنزل عن حماره وسلم عليه، (ثم جلس فتلا القرآن، ودعا إلى الله، وذكر بالله .. حتى إذا فرغ رسول الله ﷺ من مقالته قال: يا هذا إنه لا أحسن من حديثك هذا إن كان حقا، فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدثه إياه، ومن لم يأتك فلا تغشه به، ولا تأته في مجلسه بما يكره، فقال عبد الله بن رواحة في رجال كانوا عنده من المسلمين: بلى فاغشنا وائتنا في مجالسنا ودورنا، فهو والله مما نحب، ومما أكرمنا

2 / 219