309

Al-sīra al-nabawiyya ʿalā ḍawʾ al-Qurʾān waʾl-sunna

السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة

Publisher

دار القلم

Edition

الثامنة

Publication Year

١٤٢٧ هـ

Publisher Location

دمشق

Genres

الظلم والجور والمفاسد الخلقية، ولما فتحت للبشرية هذه الافاق الواسعة من العلم والمعرفة اللذين عادا على البشر بالخير والنفع.
وليس أدل على هذه الرحمة المحمدية مما رواه الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس قال: «سأل أهل مكة رسول الله ﷺ أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحّي عنهم الجبال فيزدرعوا، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت أن تؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم الأمم، فقال: «بل أستأني بهم» ورواه النسائي أيضا من حديث ابن جرير.
وفي رواية أخرى للإمام أحمد عن ابن عباس- ﵄ قال:
«قالت قريش للنبي ﷺ: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا، ونؤمن بك، قال: «وتفعلوا؟» قالوا: نعم، قال: فدعا فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا، فمن كفر بعد ذلك أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة قال: «بل التوبة والرحمة» «١» .
القران معجزة المعجزات
وليس أدل على أن القوم كانوا متعنتين وساخرين، ومعوّقين لا جادين من أن عندهم القران وهو اية الايات، وبينة البينات؛ ولذلك لما سألوا ما اقترحوا من هذه الايات وغيرها ردّ عليهم سبحانه بقوله:
وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢) «٢» .

(١) البداية والنهاية، ج ٣ ص ٥٢.
(٢) الايات ٥٠- ٥٢ من سورة العنكبوت.

1 / 321