The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses

Muhammad bin Mustafa Al-Debeesee d. Unknown
14

The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

Genres

وثمة أمر آخر وهو أنَّ الرسول ﷺ جاء ليدعو الناس جميعًا إلى التزام أحاسن الأخلاق، والاتصاف بها، كما قال: (إِنَّمَا بُعِتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأخلاق). (١) وبالتالي لابد أن يكون أعلى الناس جميعًا خُلُقًا، لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، وإن كان مثلهم فلأي شيءٍ يدعوهم؟ ولذا وجدناه من أول بعثته أعظم الناس خُلُقًا، فلما وصفه ربُّه بذلك من حين ابتعثه، كان ذلك متسقًا تمام الاتساق مع دعوة الله تعالى الناس إلى توحيده ومعرفته، وعبادته، وإلى كل جميل من الأقوال، والأفعال في الظاهر والباطن. وللأستاذ سيد قطب في كتابه "في ظلال القرآن" (٢) كلام جميل نذكره ملخصًا، يقول: ثم تجيء الشهادة الكبرى والتكريم العظيم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)﴾. وتتجاوب أرجاء الوجود بهذا الثناء الفريد على النبي ﷺ، ويثبت هذا الثناء العلوي في صميم الوجود، ويعجز كل قلم، ويعجز كل تصور عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من ربِّ الوجود، وهي شهادة من الله، وفي ميزان الله، لعبد الله، يقول له فيها: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)﴾، ومدلول الخلق العظيم هو ما عند الله مما لا يبلغ مداه أحد من العالمين. ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة محمد ﷺ تبرز من نواحٍ شتى: تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعالي، يسجلها ضمير الكون، وتثبت في كيانه، وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله.

(١) الحديث صحيح رواه البخاري "في الأدب المفرد" (٢٧٣)، وابن سعد " في الطبقات" (١/ ١٩٢) والحاكم (٢/ ٦١٣)، وأحمد (٢/ ٣١٨)، عن أبي هريرة مرفوعًا. (٢) انظر سيد قطب "في ظلال القرآن" دار الشروق الطبعة العاشرة ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م. تفسير سورة القلم (٧/ ٢٩٠).

1 / 15