The Prophetic Biography and the Call in the Civil Era
السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
Publisher
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى ١٤٢٤هـ
Publication Year
٢٠٠٤م
Genres
رابعًا: سماحته ﷺ
كان رسول الله ﷺ يتجاوب مع جلسائه، ويتساهل معهم، ويشاركهم الحال والقال، فإذا تحدثوا بأمر شاركهم في حديثهم ما لم يكن إثمًا.
فعن خارجة بن زيد ﵁ أن نفرًا دخلوا على أبيه زيد بن ثابت ﵁ فقالوا: حدثنا ببعض حديث النبي ﷺ.
فقال: وما أحدثكم؟ كنت جاره ﷺ فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إليّفآتيه، فأكتب الوحي، فكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، كل هذا أحدثكم عنه ﷺ.
وروى الإمام أحمد عن جابر بن سمرة ﵁ قال: كان رسول الله ﷺ طويل الصمت، قليل الضحك، وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وأشياء من أمورهم في الجاهلية فيضحكون، وربما تبسم معهم١.
وروى مسلم عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة ﵁: أكنت تجالس رسول الله ﷺ؟
فقال جابر: نعم كثيرًا! كان رسول الله ﷺ لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون، ويبتسم صلى الله عليه وسلم٢.
يقول عبد الله بن زيد: ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم٣. ويقول عبد الله بن الحارث: ما كان ضحك رسول الله إلا تبسمًا٤.
وكان ﷺ يمزح مع أصحابه، لإدخال السرور عليهم، ليباسطهم، وليهتدوا بهديه، ويتخلقوا بخلقه، فلو أنه ﷺ ترك الطلاقة مع أصحابه، والمباسطة معهم، ولزم العبوس، والانقباض، لألزم الصحابة أنفسهم بذلك، وكذلك التابعون من بعدهم، فمزح ﷺ ليمزحوا، ولكنه ﷺ بين لهم أنه لا يقول في مزاحه إلا حقا، فلا يأتي بباطل ولا بعبث أو بلعب.
وفي الصحيحين عن أنس ﵁ قال: إن كان النبي ﷺ ليخالطنا -أي ليلاطفنا ويمازحنا- حتى يقول لأخ لي:
"يا أبا عمير ما فعل النغير"٥.
يروي الإمام أحمد بسنده عن أنس ﵁ أن رجلً من أهل البادية كان اسمه
١ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد باب في حسن خلقه ﷺ ج٨ ص٥٧٨. ٢ صحيح مسلم بشرح النووي. ك الفضائل. باب تبسمه ﷺ ج١٥ ص١٧٦. ٣ سنن الترمذي باب في بشاشة النبي ﷺ ج٥ ص٦٠١ والحديث حسن غريب. ٤ سنن الترمذي باب في بشاشة النبي ﷺ ج٥ ص٦٠١. ٥ سنن الترمذي باب في المزاح ج٤ ص٣٥٧.
1 / 189