[ثانيا السرف في نصوص السنة النبوية] ثانيا: السرف في نصوص السنة النبوية: وردت مادة السرف في السنة في أحاديث عديدة يمكن حصرها. ولعل كثيرا منها يدور في فلك الوضوء في باب الطهارة. حيث ورد النهي عن الإسراف فيه، كما في حديث عبد الله بن عمرو «أن رسول الله ﷺ مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: ما هذا السرف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جار» (١) . كما وردت المادة في غير موضوع الطهارة، كحديث أنس بن مالك ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت» (٢) وسبب الذم هنا كما يقول المناوي (ت ١٠٣١ هـ): " لأن النفس إذا اعتادت ذلك من صاحبها شرهت ونزقت من رتبة لأخرى، فلا يقدر بعد ذلك على كفها فيقع في أعلى مراتب السرف المذموم " (٣) . وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة» (٤) . وفي هذا المعنى يقول ابن عباس ﵁ (ت ٦٨ هـ): «كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف أو مخيلة» (٥) . تلك من أبرز الأحاديث التي وردت فيها مادة (السرف) بشأن المال والنفقة، ووردت أحاديث أخرى بالمادة نفسها ولكنها كما قال ابن الأثير

(١) سبق تخريجه في التمهيد في ص٩، وسعد الوارد في الحديث هو ابن أبي وقاص. (٢) رواه ابن ماجه في سننه، ك. الأطعمة - الباب ٥١. قال في مصباح الزجاجة ٤ / ٣١: هذا إسناد ضعيف، وقد صحح الحاكم إسناده بمتن غير هذا. (٣) فيض القدير شرح الجامع الصغير ٢ / ٦٥٤، دار الفكر ١٤١٦ هـ. (٤) رواه الإمام أحمد في المسند: ٢ / ١٨١، والنسائي في السنن الكبرى، ك. الزكاة - الباب ٦٨، وابن ماجه في السنن، ك. اللباس - الباب ٢٣، والبخاري تعليقًا، ك. اللباس - الباب ١. (٥) أخرجه البخاري تعليقًا، ك. اللباس - الباب ١. قال ابن حجر: وصله ابن أبي شيبة في مصنفه (فتح الباري ١٠ / ٢٥٣) .