The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
Publisher
دار الكلمة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Genres
فكلما قوي إخلاص دينه لله كملت عبوديته واستغناؤه عن المخلوقات، وبكمال عبوديته لله تكمل تبرئته من الكبر والشرك". (١)
وبعد أن تحدث عن الإسلام الاختياري تحدث عن الإسلام الإجباري، حيث تكون حقيقة الافتقار التي لا مراء فيها لأحد:
قال تعالى: «أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا»
فذكر إسلام الكائنات طوعًا وكرهًا، لأن المخلوقات جميعها متعبدة له التعبد العام، سواء أقر بذلك أو أنكره وهم مدينون له مدبرون فهم مسلمون له طوعًا وكرهًا، ليس لأحد من المخلوقات خروج عما شاءه وقدره وقضاه ولا حول ولا قوة إلا به، وهو رب العالمين ومليكهم يصرفهم كيف يشاء وهو خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم، وكل ما سواه فهو مربوب مصنوع مفطور فقير محتاج مقهور، وهو سبحانه الواحد القهار الخالق البارئ المصور.
وهو وإن كان قد خلق ما خلقه بأسباب فهو خالق السبب والمقدر له وهو مفتقر إليه كافتقار هذا، وليس في المخلوقات سبب مستقل بفعل خير ولا دفع ضر، بل كل ما هو سبب فهو محتاج إلى سبب آخر يعاونه وإلى ما يدفع عنه الضد الذي يعارضه ويمانعه.
وهو سبحانه وحده الغني عن كل ما سواه، ليس له شريك يعاونه ولا ضد يناوئه ويعارضه" (٢)
إن كثيرًا من المسلمين - ولله الحمد - يدركون حقيقة إسلام الكون القهري لله تعالى، فلا يتطرق إليهم الشك في أن الكفار في أوروبا وأمريكا مربوبون لله تعالى من حيث هو خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم.
ولكنهم - مع ذلك - لا يدركون الجانب الآخر من الحقيقة، وهو أن هؤلاء الكفار عبيد أرقاء مغرقون في العبودية والرق لغير الله.
(١) المصدر السابق، ص ١١٣- ١١٤ (٢) المصدر السابق، ص ١١٧- ١١٨
1 / 103